في قولهم كله سواء باتباعك القبلة وغيره، لأنهم لا عهد لهم ولا ميثاق، فضلا عن الكلام «وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ» فلا اليهود تتبع النصارى في قبلتهم، ولا النصارى تتبع اليهود في قبلتهم أبدا، كما أن كلا منهم لا يتبع قبلتك هذه ما داموا على يهوديتهم ونصرانيتهم «وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ» الفاسدة، وهذا على طريق الإرهاب والتهيج ليزداد تثبيتا في حقه وتحذير للسامعين من متابعة الهوى كما أشرنا إليه أواخر سورة القصص فى ج ١ والآية ٦٤ من سورة الزمر ج ٢، «مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ» في بطلان أهرئهم «إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ١٤٥» وهذا محال عليه صلّى الله عليه وسلم، لأنه مقطوع له بأنه لا يتبع أهواءهم وهو معصوم من كل مخالفة، ولكن هذا مراد به غيره على حد (إياك أعني واسمعي يا جاره) كما أشرنا إليه في الآيات من القصص والزمر وغيرها.
قال تعالى «الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ» تقدم تفسيرها في الآية ٢٠ من سورة الأنعام ج ٢، وأوردنا عليه ما قاله عمر ابن الخطاب إلى عبد الله بن سلام وما رد عليه فراجعه، وأشرنا إلى عبد الله هذا في الآية ١٠ من سورة الأحقاف ج ٢ أيضا، «وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ١٤٦» أنه حق لا جهلا بل عنادا وحسدا. واعلم يا محمد أن الذي أنت عليه وأصحابك هو «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ» فاثبت عليه وامر من اتبعك بالثبات عليه، فإنه هو الثابت عند الله «فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ١٤٧» فيه أبدا وهذه أيضا من قبيل تلك الآيات لأنه لا يمتري ولا يشك في شيء جاء من ربه. قال تعالىَ لِكُلٍّ»
من عباده ومخلوقاتهِ جْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها»
لهم وموجههم إليهاَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ»
أيها المؤمنون وبادروا بفعلها.
واعلموا أنكمَ يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً»
لا يصعب عليه شيء وأهون عليه جمع ما تفتت من أجزائكم واضمحل من أسلافكم في البرّ والبحر أو الهواء. وفي هذه حث على التسابق لأعمال الخير والأولوية والأفضلية في الطاعات، وتحذير لمنكري البعث والمعترضين على أعمال الله