ما تستخفه نفوسهم ويحبذون ذلك، ولعل هذا ينجز وتعمد الحكومة على العمل به لأن الناس ميالون إلى كل ما فيه يسر ولو خالف عمل السلف الصالح، وفيه إشارة إلى قوله صلّى الله عليه وسلم: لتتبعن سبل من قبلكم حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه، ولتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع. كان صلّى الله عليه وسلم ناظر إلى ما تحدثة أمته من بعده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وله مراجعتها بعد طلقة أو طلقتين في العدة دون رضاها، وله تجديد العقد عليها بمهر جديد ورضاها بعدها.
ويملك على زوجته الأمة طلقتين فيراجعها بالعودة بعد الواحدة دون رضاها وبعدها برضاها وعقد ومهر جديدين. وفي الطلاق البائن دون الثلاث يجوز العقد عليها ضمن العدة وبعدها برضاها ومهر جديد. ثم حذر الله تعالى الرجال من أن يضارّوا النساء كي يأخذوا ما أعطوه لهنّ من المهر بقوله عز قوله «وَلا يَحِلُّ لَكُمْ» أيها الرجال «أَنْ تَأْخُذُوا» على الطلاق «مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً» أبدا من مهر أو غيره إذا طلقتموهن برضاكم، وهذا في غير المخالعة إذ يجوز أخذ شيء من المهر أو كله إذا كانت لا تريده، أما هو إذا كان لا يريدها فلا يحل له أخذ شيء أصلا «إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ» من واجبات الزوجية المارة الذكر والمحبة والألفة والمودة القلبية، إذ النفرة فيها موجبة لعدم القيام بحقه كالنفرة منه «فَإِنْ خِفْتُمْ» يا أولياء الزوجين «أَلَّا يُقِيما» الزوجان منكم «حُدُودَ اللَّهِ» بينهما كما هما مكلفان بها وتحققتم أن كلا منهما لا يقوم بواجبه تجاه الآخر كما هو مطلوب منه دينا ومروءة «فَلا جُناحَ» لا إثم «عَلَيْهِما» إذا طلب كل منهما أو أحدهما فراق صاحبه ولا بأس على المرأة «فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» نفسها من المال الذي تعطيه لزوجها بمقابل خلعها، ولا إثم على الزوج في أخذ ذلك، لأنه تكبّد مهرها أولا وفراقها ثانيا لأنها لم تألفه وقد أخذها على حب بها، وعلى الحكام أن يقوموا بذلك وأن يمكن الأولياء صلاحية التفريق بينهما إذا لم يمكن الإصلاح وبقاء الزوجية على ما يريد الله، إذ لا يجوز أن تبقى المرأة مضارة لزوجها، ولا الزوج مضارا لها، ولا أن يبقى مع امرأة لا تألفه، والدين يسر لا عسر فيه، والشريعة غراء سمحة، وسيأتي لهذا البحث صلة في الآيتين ٣٥ و ١٢٨