عامة بني إسرائيل فلم تظهر تلك العلامة على أحد منهم فسأل هل بقي أحد قالوا لم يبق إلا أولاد ميشا وهم ثلاثة عشر فأحضرهم واختبرهم فظهرت العلامة على داود عليه السلام، فقال له طالوت هل لك أن تقتل جالوت؟ قال نعم، قال هل آنست من نفسك ما يدل على هذا؟ قال نعم إني أرى الغنم فيما بينها الأسد والنمر والذئب فيأخذ منها فألحقه فأفتح لحييه وأخرجها من قفاه واستخلص ما يأخذه، فقال أنت لها وكان رآه حينما سال الوادي يحمل شاتين شاتين ويخلصهما من السيل فقال الذي يرحم البهائم يكون بالناس أرحم فيجهد نفسه في تخليصهم من ضنك جالوت الغاشم، فأخذه إلى المعسكر وأمره بالبروز إلى جالوت فأخذ قذافته ووضع أحجارا في مخلاته، قالوا إنها كلمته بذلك بأن قالت له خذنا واحذف بنا جالوت فإنك تقتله ولهذا فإنه ترك السلاح الذي أعطاه له الملك طالوت قائلا إن لم ينصرني ربي لا ينصرني سلاح طالوت، فلما برز قال له جالوت أتيتني بأحجار كما يؤتى الكلب، قال نعم وأنت شر منه، فقال جالوت مهلا لأقسمنّك شطرين، وكان متأهبا بأعظم السلاح فضلا عن أنه مشهور بعظمته وجبروته وقوته وأن الملوك تخشاه وتهابه وتخاف لقاءه وتفزع منه الجيوش فلا تقابله أبطالها، فلما هجم عليه تلقاه داود بثلاثة أحجار متتابعة من قذافته أصابته كلها وخرقت دماغه وخرجت من قفاه وأصابت من وراءه فأماتته أيضا، فتقدم إليه وجره كالجيفة وألقاه بين يدي طالوت، ففرح وابتهج كل بني إسرائيل وهزم جيش جالوت واستسلم لطالوت فاستولى عليهم جميعا فقال داود لطالوت أنجز لي وعدك، قال هات الصداق، قال وما هو؟ قال لنا أعداه غلف (غير مطهرين) تقتل منهم مئتي واحد وتأتيني يقفهم، ففعل فزوجه ابنته وشاطره ملكه، فمال الناس إليه وأحبوه لما هو عليه من كريم السجايا والتقوى كيف وقد أهله الله تعالى الملك والنبوة، فلما رأى ذلك طالوت أحس بمفارقة الملك فصار يدبّر له المكائد ليمكر به فيقتله ليتخلص منه حرصا على ملكه وبقاء الرياسة في عقبه، فبلغ ذلك زوجته فقالت يا داود إنك لمقتول الليلة من قبل أبي وإني لا أقدر على ردّه، قال وما جرى؟ قالت لا علم لي إلا ميل الناس إليك، فملأ زقا من خمر ووضعه على تخته وسجاه ونام تحته، فجاء طالوت ليلا وقال لابنته