إثبات دعواه. وقد استشهد جل شأنه على ولايته للمؤمنين خاصة بقوله «أَوْ» هل رأيت يا سيد الرسل أحدا «كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ» هي بيت المقدس بعد أن خرّبها بختنصر، راجع قصته في الآية ٦ من الإسراء في ج ١ «وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها» في هذه الجملة حذفان أي خالية من السكان وساقطة حيطانها على سقوفها بأن تهدمت جدرانها بعد خرور سقوفها فصارت الجدران فوقها «قالَ» ذلك المار وهو عزير عليه السلام «أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها» أي كيف يكون ذلك ومتى يكون على طريق الاستبعاد لا الإنكار بل لما كان فيها من البناء الرفيع المحكم استبعد إعادتها على ما كانت عليه «فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ» أحياه بعدها و «قالَ له كَمْ لَبِثْتَ» ميتا وكانت إماتته وقت الضحى «قالَ لَبِثْتُ يَوْماً» ثم لما رأى بقية من الشمس وكان إحياؤه آخر النهار قال «أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ» ظانا أنه أميت الضحى وأحيي العصر قبل المغرب «قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ» ميتا وإذا أردت يا عبدي تحقيق ذلك لتقنع بحسب الظاهر «فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ» قالوا كان تينا «وَشَرابِكَ قالوا
كان عصيرا تزود بهما وكان كل منهما «لَمْ يَتَسَنَّهْ» لم يتغير ولم ينتن مع أنه مما يتغير سريعا وليس من الأطعمة والأشربة التي تدخر فلا تتغير سريعا كمعمولان الحلويات في دمشق وحلب والأشربة الأوربية فإنها قد تبقى أشهرا إلا أنها مهما كانت ومهما وضع فيها من الأجزاء فلا تبقى معشار هذه المدة على حالها، وقد رآها عليه السلام كما تركها حين أميت لم يطرأ عليها شيء وقد مر عليها تلك المدة وهذه معجزة له عليه السلام على القول بنبوته وكرامة على القول بولايته «وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ» إذ رآه عظاما بالية مفككة بعضها عن بعض وهذا الدليل الظاهري على قدم لبثه ميتا المدة التي ذكرها الله «وَلِنَجْعَلَكَ» أيها الإنسان الكامل ببقائك حيا «آيَةً لِلنَّاسِ» يستدلون بها على البعث بعد الموت لأن من يحي الميت في الدنيا بعد هذه المدة لا غرو يحييه في الآخرة «وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ» من حمارك «كَيْفَ نُنْشِزُها» ترفعها من الأرض فتردها إلى أماكنها من الجسد ونركبها بعضها مع بعض كما كانت «ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً» كحالتها الأولى «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ» ذلك «قالَ