على الطاعة للأوامر والاستعداد لتنفيذها عند الحاجة إليها. ويجب أن يكونوا يقظين نبهين، وأن يكون نصحهم بمواعظ حسنة تحبذ لهم بذل أنفسهم في سبيل الله إعلاء لكلمة الله وصيانة للبلاد والعباد ووقاية للأعراض والعجزى. واعلموا أيها الناس أن ما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن عقبة بن ثامر من أن القوة الرمي لا ينفي كون غير الرمي من القوة، بل قوة أيضا، وهو على حد قوله صلّى الله عليه وسلم:
الحج عرفة والندم توبة والدين النصيحة. لأن غايته الدلالة على أنه من أفضل القوة، والقوة الرمي لأن معظم الحرب يكون به وهو كذلك. روى البخاري عن أبي أسيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر حين ضعفنا لقريش إذا كبتوكم (أي غشوكم) - وفي رواية: أكثروكم- فارموهم واستبقوا نبلكم. وفي رواية:
إذا كبتوكم فعليكم بالنبل. وروى عقبة عن عامر قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول ليدخلن بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنه: صانعه يحتسب في عمله الخير، والرامي به، والمحدد له. وفي رواية: ومنبله، فارموا، وان ترموا أحب إلي من أن تركبوا. كل لهو باطل ليس من اللهو محمود إلا ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه، أي بنبله، فإنهن من الحق، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها أو كفرها- أخرجه أبو داود والترمذي مختصرا-.
فهذا الحديث والذي بعده وغيرهما تحث على تعليم المسلمين ما يلاقون به أعداءهم عند الحرب من جميع أصناف آلاته ومعداته، وانه مما يثاب عليه عند الله تعالى ويستوجب محبة رسوله صلّى الله عليه وسلم. روى البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع قال: مرّ النبي صلّى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالقوس، فقال صلّى الله عليه وسلم ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بني فلان، فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال صلّى الله عليه وسلم مالكم لا ترمون؟ فقالوا كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال ارموا وأنا معكم كلكم. صلّى الله عليه وسلم ما أرضاه لربه وأرضاه لصحبه وإرضاء لأهله وأرضاه لأمته. وروى البخاري ومسلم عن عروة بن الجعد الباز حديثا بمعناه. ومثله عن ابن عمر وقال إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة. وروى البخاري عن ابي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا