ج ١ والآية ٩١ فما بعدها من سورة النحل في ج ٢ فراجعها. قال تعالى «وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا» أفلتوا وانا لا نظفر بهم مرة ثانية، بلى لا بدّ من ذلك «إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ»(٥٩) لأن الطالب لهم غالب قوي قادر على الانتقام منهم في الدنيا قتلا وأسرا وجلاء، وفي الآخرة عذاب شديد «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» مالا ورجالا وسلاحا وخدعا وغيرها من كل ما فيه معنى القوة «وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ» أيضا قوة، لأن ما يدركه الراكب لا يدركه الراجل، فإنكم في هذه الأشياء «تُرْهِبُونَ بِهِ» ترعبون وتخدعون «عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» فعليكم أيها المؤمنون بالاستعداد لأعدائكم من كل ما يغيظهم ويرهبهم، لأنكم بذلك ترعبونهم «وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ» تخوفونهم أيضا كاليهود والمنافقين الموجودين في زمنك ومن بعدهم في زمن غيرك إلى آخر الدوران من أناس «لا تَعْلَمُونَهُمُ» أنتم ولكن «اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ» وسيظهرهم لكم بعد «وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مما يقوي جانب المؤمنين ويرهب أعداءهم، وفي إعلاء كلمة الله ونصرة دينه وطاعة رسوله «يُوَفَّ إِلَيْكُمْ» ثوابه كاملا مضاعفا في الآخرة ويخلف عليكم أوفر منه في الدنيا «وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠) » شيئا من ثوابه وأنكم لا تعلمون كيف يكافئ الله عباده المنفقين أموالهم ابتغاء مرضاته، لأنهم يعطيهم ما لا يتصورونه ولا تعقله أفهامهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وفي هذه الآية تعليم من الله لعباده فيما تكون به عظمتهم وتقوى به شكيمتهم وتعظم به شوكتهم.
والعدة تطلق على الجند وعلى جميع الأسلحة والآلات والأطعمة التي هي من لوازم المحاربين في الحروب بالنسبة لما عند العدو وأقوى وأفخم، وكذلك الحصون والمعاقل وتعليم الجنود كيفة استعمال الأسلحة والرمي بها بحيث لا يقع سهم منها إلا في قلب عدو، وتعليمهم أيضا ماهية المحركات واستعمالها وركوبها برا وبحرا وهواء، والآلات الحديثة، والألغام والوقاية منها، والقاذفات وما يقذف بها، ومنها في الطائرات وغيرها وتعليم السير بها وتسييرها، وحثهم على المحافظة عليها ومناظرتها وتعليمهم الخدع والحيل والمكر، وجميع أبواب الحرب وتمرينهم عليها، وحثهم