لجميع الخلق «فَإِنْ تَوَلَّوْا» عنك ولم يمتثلوا أمرك وأصروا على كفرهم «فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢) » ومن لا يحبه الله فإنه يبغضه يا ويله، لهذا فإنه تعالى رسم لعباده في هذه الآية طريق القرب لرضائه والحصول على محبته، وبين لهم أن ذلك يكون بمتابعة رسوله في أقواله وأفعاله وفي كل ما يندب إليه.
نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي سلول إذ قال إن محمدا يريد أن يجعل طاعته كطاعة الله، ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارى عيسى. مشعرة بأن طاعة الرسول هي طاعة الله ولا تتم طاعة لله إلا بطاعة الرسول. والحكم الشرعي أن طاعته واجبة كطاعة الله، والامتناع عنها يعد كفرا يعاقب عليه من المقالات التي لا تقبل الجملة الأولى منها إلا بالثانية المعطوفة عليها، فلا تقبل طاعة الله مع عدم طاعة الرسول، وإن زعم أنه مطيع ومطيع، والثانية قوله تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) الآية ١٤ من سورة لقمان في ج ٢، فمن شكر الله ولم يشكر والديه فكأنه لم يشكر الله ولا يقبل منه شكره إن لم يشكر والديه. والثالثة قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) الآية ٤٣ من سورة البقرة المارة وهي مكررة كثيرا في المكي والمدني، فمن لم يزك كأنه لم يقم الصلاة. وهنا يقال أربعة تحتاج إلى أربعة: ١- الحب إلى الأدب، ٢- والسرور إلى الأمن، ٣- والقرابة إلى المودة، ٤- والعقل إلى التجربة. وأربعة تؤدي إلى أربعة: ١- العقل إلى الرياسة، ٢- والرأي إلى السياسة، ٣- والعلم إلى التقوى، ٤- والحلم إلى التوقير.
وهنا مثلثات أخر: المؤمن لا يخلو من قلة أو ذلة أو علة. وثلاثة لا ينامون:
البردان والخائف والجائع. وثلاثة لا يبردون: الوجه والجاهل والمجنون، أي لا يعرفون البرد ولا مضرته. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني. وقيل:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في الفعال بديع