الدنيا والآخرة. ورويا عن أبي موسى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلّا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. وليس في هذا الحديث ما يدل على تفضيلها على خديجة وفاطمة رضي الله عنهن، كما ليس فيه ما يدل على تفضيلها على مريم وآسية بل على من عداهما في زمانهما، يدل على هذا ما أخرج الترمذي عن أنس قال: قال صلّى الله عليه وسلم حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون إذ لم يذكر عائشة معهن، تدبر.
قال بعضهم:
ولو أن النساء كمن ذكرنا ... لفضلت النساء على الرجال
فلا التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخر للهلال
ويفهم من هذا أن الاصطفا من قبل الله لأحد من خلقه لا يقتضي كونه نبيا، لأن مريم متفق على عدم نبوتها وعلى عدم صلاحية الأنثى للنبوة، ولهذا فلا يكون أيضا سببا للعصمة لأنها خاصة بالأنبياء بعد النبوة، وإنما يفيد البشارة لشموله بعين الرضاء، ومن شملته عناية الرضاء فقد نجا، وتدل على أن الرزق قد يكون بلا سبب كما وقع لمريم، ومن جحد هذا كان جاحدا لقدرة الله وهو كفر، وعلى أن صلاح الآباء ودعاءهم لأولادهم يعود عليهم بالخير كما سيأتي في الآية ٢٦ من سورة الرعد ولآية ٢٥ من سورة محمد الآتيتين، وتفد جواز النذر ووجوب الوفاء به إذا كان فربة لله تعالى، أما إذا خصص ببشر فلا، لأنه من نوع العبادة ولا تكون إلا لله كما سنفصله في الآية ٣٠ من سورة الحج الآتية إن شاء الله، وترمي إلى جواز تأديب الولد وتربيته راجع الآية ١٢ فما بعدها من سورة قمان ج ٢، وتشير إلى تعليمه من قبل أمه وتسميته حال فقد أبيه، وتوجب على الخلق الإيمان بقدرة الله فيما هو خارج عن نطاق العقل كوجود ولد بلا أب مثل عيسى عليه السلام، وان إنكاره كفر صريح، وترشد إلى أن صدور الدعاء مع الثقة بالله في وقت الحاجة لا بد وأن يجيبه الله تعالى تفضلا منه وبرّا بوعده المار ذكره في الآية ١٨٧ من سورة البقرة المارة، والآية ١٠ من سورة المؤمن في ج ٢، وتنبيه