بدينك وأصر كل منهم على قوله أنزل الله عز وجل «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ» حكما بينهم «وَلَهُ أَسْلَمَ» انقاد وخضع «مَنْ فِي السَّماواتِ» من الملائكة «وَالْأَرْضِ» من الإنس والجن «طَوْعاً» بالنظر والاستدلال والإنصاف من النفس «وَكَرْهاً» بالقوة حال الصحة كنتق الجبل على اليهود أو عند معاينة العذاب كالغرق لآل فرعون، والإشفاء على الموت كما في قوله تعالى (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الآية ٨٤ من سورة المؤمن ج ٢ فرد الله عليهم (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) في الآية ٨٥ منها «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»(٨٣) في الآخرة فاتركهم يا سيد الرسل و «قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا» من القرآن.
واعلم أنه لما كان الوحي ينزل من فوق وينتهي إلى الرسول عدّى ما أنزل في سورة البقرة في الآية ١٣٦ المارة بإلى المفيدة للانتهاء، وعدّاه هنا بعلى المفيدة للاستعلاء على المعنيين تارة بإلى وطورا بعلى، وقدم القرآن لأنه أشرف الكتب وأجمع لمراد الله فيها «وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ» من الصحف «وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ» من الصحف والوصايا «وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى» من التوراة والإنجيل «وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ» من كتب وصحف «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ» لأنهم كلهم مرسلون من قبله وأن ما أنزل عليهم من عنده «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»(٨٤) لا لغيره. قال تعالى «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» لأنه هو المقبول عنده لا دين غيره البتة «وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ»(٨٥) ثواب عمله فكل من يطلب دينا غير الإسلام فقد خسر الدنيا والآخرة. تدل هذه الآيات على وجوب الإيمان بالرسل كافة، وعلى محاربة الشرك بجميع أنواعه، وأن كل ما يخالف تعاليم دين الإسلام باطل، وأن جميع ما أنزل من عند الله متحد المعنى في أصول الدين، لأن الرسل كلهم جاءوا من عند الله على وتيرة واحدة، وأن الاختلاف في الفروع وقع لمصلحة الأمم بحسب حالهم واختلاف مداركهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأن الإيمان بجميع الكتب الإلهية والعمل بآخرها وهي شريعة الإسلام واجبة على جميع الخلق، لأن التشريع الأخير يلغي ما قبله وهذه سنة الله في خلقه، وعليه جرت