واعلم أن سبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول صلّى الله عليه وسلم هو أن سويد بن الصامت الذي كان شريفا في قومه ويسمى بينهم الكامل لجده وحسبه ونسبه، قدم مكة بعد مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم، فاجتمع به ودعاه للإسلام فقال له إن معي مجلد لقمان يعني كلمته وسيرته، فقال له الرسول اتلها علي فتلاها، فقال هذا حسن، وما معي أفضل منه، قرآن أنزله الله علي نورا وهدى، وتلا عليه مما كان قد نزل، فقال هذا القول حسن وانصرف إلى المدينة، وقتل يوم بغاث، فقال قومه قتل وهو مسلم، ثم قدم أبو الحبس أنس بن رافع وأياس بن معاذ مع فتية من بني عبد الأشهل يلتمسون الحلف من قريش على قومهم الخزرج، فأتاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال لهم هل لكم إلى خير مما جئتم به قد بعثني الله إلى العباد رسولا أدعوهم بعدم الشرك وأنزل علي الكتاب، وتلا عليهم منه، فقال أياس أي قوم والله هذا خير، فضربه أبو الحبس بخفنة من الحصباء وقال ما لهذا جئنا، وانصرف رسول الله ورجعوا إلى المدينة، وهلك أياس في واقعة فيما بينهم، ثم خرج الرسول إلى الموسم يدعوا الناس إلى الله كعادته لعله يجد من يأخذ عنه دينه فيهتدي به أو يستحسنه فيذكره لغيره كسويد بن الصامت وأياس بن معاذ المذكورين آنفا، فلقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا وهم أسعد بن زرارة، وعون بن الحارث بن عفراء، ورافع بن مالك العجلاني، وقطبة بن عامر بن خريدة، وعقبة بن عامر بن باني، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم، فجلس إليهم وتلا عليهم قرآنا ودعاهم إلى الإيمان، فآمنوا، وكانوا يسمعون من اليهود أن نبيا يخرج آخر الزمان ويقولون إنهم يتبعونه ويقتلونهم معه وقال بعضهم لبعض لنسبقن اليهود عليه، وقالوا للرسول سندعوا قومنا إلى اتباعك وعسى الله أن يجمعهم عليكم فلا يكون أعزّ منك، ولما دخلوا المدينة ذكروا حضرة الرسول ورغبوا أتباعهم في الإسلام، فأسلموا، وفشا الإسلام بالمدينة لما رأوا من حسن تعاليمه القيمة وعملوا بما بلغهم عنه من المذكورين، وفي الموسم الآخر قدم من المدينة اثنا عشر رجلا زكوان بن عبد القيس وعبادة بن الصامت، وزيد بن ثعلبة، وعباس بن عبادة من الخزرج، وأبو الهيثم ابن التيهان، وعويمر بن مساعدة من الأوس، والستة الأول، فبايعوا حضرة الرسول