بسبب إيمانكم به واتباعكم رسوله، إذ ألف بينكم الإسلام ونجاكم من الوقوع بالكفر «كَذلِكَ» مثل هذا البيان الشافي «يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٠٣» قال مقاتل بن حبان: افتخر ثعلبة بن غنم الأنصاري من الأوس فقال منا خزيمة بن ثابت ذر الشهادتين، وحنظلة غسيل الملائكة، وعاصم بن ثابت ابن أفلح حمى الدين (واعلم أن «أفلح» اسم تفضيل من أفلح وهو خاص بمن هو أشرم الشفقة السفلى، ويقال لأشرم العلياء «أعلم» وللفرجة التي بين الشاربين تحت ضلع الأنف «نثرة» قف على هذا فقل من يعرفه) وسعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن لموته ورضي الله بحكمه في بني قريظة، فرد عليه سعد بن زرارة الخزرجي فقال منا ابي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد الذين أحكموا القرآن، وسعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم (قيل إن سعدا هذا بال في جحر فقتله الجن وقالوا فيه:
قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده. ضربناه بسهم فلم تخطئ فؤاده ولهذا كره الفقهاء البول في الجحر خوفا من حيوان يؤذي أو يؤذى) وتفاخروا فيما بينهما، وتناشدوا الأشعار، وقاموا إلى السلاح، فأتاهم رسول الله فأصلح بينهم، وأنزل الله هاتين الآيتين المتقدمتين على هذه الآية، والأول الذي ذكرناه آنفا في سبب النزول وهو قصد إيقاع الفتنة من اليهود بينهما أولى وأوفق في مناسبة سياق الآية ولفظها، لأن الحوادث التي ذكرت في تفاخرهم من حكم سعد وموته وشهادة خزيمة وموت حنظلة لم يقع قبل نزول هذه الآيات ولا في زمنها حتى يكون سبب النزول مسوفا إليها، وعلى القول بأنها متأخرة بالنزول فكذلك لا يستشهد بها على ذلك. جاء في افراد مسلم من حديث زيد بن أرقم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ألا وإني تارك فيكم ثقلين، أحدهما كتاب الله هو حبل الله المتين، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة، الحديث.
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن هذا القرآن هو حبل الله المتين، وهو النور المبين، والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به. وروى مسلم حديث ابن أرقم بأطول من ذلك، وفيه وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي كررها مرتين.