عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم، قالوا سيدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقية، قال فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فما أمسى في دار بني الأسهل رجل ولا امرأة إلا مسلم ومسلمة، وأمر مصعبا بتلقينهم الإسلام وتعاليمه وتحبب إليهم بالطرق التي تمرن عليها رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، ثم صار مصعب وأسعد يدعوان الناس إلى الإسلام علنا حتى لم يبق في المدينة بيت من بيوت الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار أمية ابن زيد وخطمة ووائل إذ كان فيهم أبو قيس الأسلت فوقف بهم عن الإسلام وكان شاعرا مشهورا. واعلم أن كلمة الأنصار لم تعرف قبل هجرة الرسول إلى المدينة وإنما كانوا يسمون بقبائلهم، وإنما لقّبوا بها لتشرفهم بموالاة حضرة الرسول ونصرتهم له. هذا، وفي الموسم الثالث خرج مصعب وأسيد ومعهم سبعون رجلا وامرأتان هما نسيبة بنت كعب وأم عمارة أسماء بنت عمرو أم منيع إلى مكة وأخذوا معهم أبا جابر والتقوا برسول الله بالعقبة، وكان معه العباس ولم يسلم بعد، فقام خطيبا وقال يا معشر الخزرج (وكانوا يطلقون هذه الكلمة على الأوس والخزرج) إن محمدا منا حيث علمتم وقد منعناه عن قومنا ممن هو على مثل رأينا، وهو في عز من قومه ومنعة في بلده، وأنه قد أبي إلا الانقطاع إليكم والحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم مسلموه وافون إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم به من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة، فقالوا قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله وخذ لنفسك وربك ما شئت، فبدأ صلّى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن ودعا إلى الله عز وجل ورغب في الإسلام، ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم ونساءكم وأبناءكم، قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا- أي ظهرنا ويطلق على القوة والضعف فهو من الأضداد- فبايعنا يا رسول الله فنحن أهل الحرب وأهل الحلقة ورثناهما كابرا عن كابر، فاعترض القول والبراء يتكلم أبو الهيثم بن التيهان، فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا وعهودا وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك