وتدعنا؟ فتبسم رسول الله ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم، أنتم مني وأنا منكم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم وقال صلّى الله عليه وسلم أخرجوا لي منكم اثنى عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، قال عاصم بن عمر بن قتادة إن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله قال العباس بن عبادة بن ثعلبة الأنصاري يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتوه فمن الآن فهو والله خزي في الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما وعدتموه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة، قالوا فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، ثم قالوا فما لنا بذلك يا رسول الله إن وفينا؟ قال الجنة، قالوا ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه، وأول من ضرب على يده
البراء بن معرور، ثم تتابع القوم، قال فلما بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت ما سمع قط (يا أهل الحباحب، هل لكم في مذمم والصياة معه قد أجمعوا على حربكم، فقال صلّى الله عليه وسلم هذا عدو الله إبليس هذا أرنب العقبة أي شيطانها، اسمع عدو الله والله لأفرغنّ لك) ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم انفضوا، فقال العباس بن عبادة والذي بعثك بالحق لئن شئت ليملن عليهم أي على أهل منى بأسيافنا، فقال صلّى الله عليه وسلم لم تؤمن؟؟ بذلك (ومن هنا يعلم أن هجرة رسول الله لم تكن عن ضعف وخوف كما أشرنا إليه في بحث الهجرة آخر الجزء الثاني لأنها متصورة قبل اجتماع قريش في دار الندوة على الصورة المارة في بحث الهجرة المذكور. وهذه الحادثة قبلها بسنة وستة أشهر) وما كانت إلا لظهور الإسلام وعلوه وفاقا لما هو عند الله أزلا بأن الإسلام يفشو بالمدينة قبل مكة بسنتين، ومن هنا يظهر قول عيسى عليه السلام (ألحق أقول لكم أن لا يكون نبي في قومه) فرجعنا إلى مضاجعنا وكان وقت السحر من اليوم الثاني من ذي الحجة سنة ٥٢ من ميلاده الشريف الثانية عشرة من البعثة العظيمة، فصابحوهم أجلة قريش وقالوا يا معشر الخزرج بلغنا أنكم بايعتم صاحبنا على حربنا، وإنا والله ما حي من العرب أبغض إلينا أن ينشب الحرب بيننا وبينه منكم،