منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. لأنه لم يأخذ بالعزيمة، فعلى الرجل الحازم أن يغير المنكر ما استطاع بيده إذا كان مرتكبه من هو تحت ولايته كابن وزوجته لأنه لا يعذر بإقرارهم عليه لكونه مسؤلا عنهم عند الله. قال صلّى الله عليه وسلم. كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته.
فالرجل راع في أهله، والزوجة راعية في بيت زوجها، فإذا قصّرا سئلا، لأن كلّا منهم قادر على إزالة ما يقع من المنكر، وإلا فله أن يطلق زوجته ويطرد ابنه إذا لم يمتثل، فهذا شأن المسلم وطريق جماعة المسلمين. وأخرج أبو داود عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. والربقة الحبل الذي فيه العرى وتشد فيها الغنم، والمراد بها هنا عقد الإسلام وعهده. وروى البغوي بسنده عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من سرّه أن يسكن بحبوحة الجنة أي وسطها- فعليه بالجماعة فإن الشيطان مع الفذ- أي الواحد-. وأخرج الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار. وأخرج عن أنس: مثل أمتي مثل المطر لا يدري آخره خير أم أوله. وأخرج البخاري عن النعمان بن بشير عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا خرقا في نصيبنا لم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا. والأمر في هذه الآية للوجوب الكفائي، أما في قوله تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) الآية ١٣٢ من سورة طه في ج ١ فهو للوجوب العيني بدليل قوله تعالى هنا (مِنْكُمْ) أي بعضكم فإذا قام به البعض سقط عن الآخرين، وإلا فالكل آثم لقوله صلّى الله عليه وسلم: إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعذابه. وأخرج الإمام أحمد وأبو يعلى عن درّة بنت أبي لهب قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم من خير الناس؟ قال آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأتقاهم لله وأوصلهم للرحم. وروى الحسن