للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول معنا «قُلْ» لهم يا سيد الرسل إن هذا الانكسار «هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ» بسبب مخالفتكم رأي رسولكم أولا بالخروج، إذ كان رأيه البقاء بالمدينة حتى يجابهوهم فيها فيقاتلهم، وثانيا مبارحتكم أمكنتكم التي أمركم الثبات فيها في ساحة الحرب وحذركم وقال لكم إذا رأيتمونا تخطفنا الطير أو رأيتمونا هزمناهم ووطأناهم فلا تتركوها، ولذلك خذلتم «إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (١٦٥) ومن قدرته قدر خذلانكم على مخالفتكم تلك ولم ينصركم عليهم تأديبا لكم كي لا تعودوا لمثلها «وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ» من قتل وهزيمة في هذه الحادثة «فَبِإِذْنِ اللَّهِ» وإرادته وتقديره «وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ» (١٦٦) منكم من يصبر على الأذى في سبيل الله، ومن يجزع ويظن بالله ما لا يليق به، أي يختبر الله ذلك منهم فيظهره لعباده «وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا» فيظهر نفاقهم للناس أيضا ويفضحهم بينهم، وإلا فإن الله عالم بذلك كله ومدون في أزله، وإن ما وقع هو طبق علمه. وكلمة النفاق لم تعرفها العرب قبل، أخذت من نافقاء اليربوع، لأن حجره له بابان إذا طلب من أحدهما هرب من الآخر، فوضع في الإسلام علامة على تلك الطائفة التي تبطن الكفر وتظهر الإسلام وتكمن الغيظ والبغض وتعلن الرضاء والمودة وتضمر الحقد والحسد وتجهر بخلافهما «وَقِيلَ لَهُمْ» والقائل هو جابر بن عبد الله بن جزام الأنصاري والمقول له عبد الله

أبي سلول وأصحابه «تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ» أعداء الله إعلاء لكلمة الله «أَوِ ادْفَعُوا» الأعداء عن المجاهدين إخوانكم وكثروا سوادهم إن لم تقاتلوا «قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ» ولم نرجع، وقال عبد الله ما ندري علام نقاتل أنفسنا «هُمْ» المنافقون القائلون هذا القول «لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ» يوم مقالتهم هذه لجابر جوابا لقوله يا قوم اذكروا الله فلا ترجعوا وتخذلوا نبيكم عند حضور عدوه «أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ» لأنهم أظهروا نفاقهم وجاهروا بعنادهم وكانوا «يَقُولُونَ» كلمة الإيمان أمام الأصحاب «بِأَفْواهِهِمْ» قولا خارجيا «ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» المحشوة بالكفر الخالية من الإيمان «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ» (١٦٧) في قلوبهم قبل تكلمهم بالإيمان نفاقا، وهؤلاء هم «الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>