(٣٣) رجالا ونساء ولذلك ذكر الضمير، وتدل هذه الآية على أن نسائه من أهل بيته وهو كذلك، ويراد بأهل البيت عند الإطلاق آله صلّى الله عليه وسلم وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس، وتشير الأوامر أوائل هذه الآية إلى شمول نساء المؤمنين كافة لأن الأمر بالصلاة والزكاة والطاعة لا يختص بنساء النبي فقط بل يعم غيرهن من المسلمات أجمع، أما آخرها فهو خاص بنساء النبي وكذلك قوله تعالى «وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ» والنبوية وكل ما تسمعنه من حضرة الرسول وترونه من أفعاله مما يقتدى بهما لأنه من الحكمة «إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً»(٣٤) وبعد أن أنزل الله هذه الآيات في نساء الرسول قال نساء المؤمنين ما أنزل الله فينا شيئا لأن الآية ١٩٥ في آل عمران كانت في حق الهجرة يردن عدم دخولهن في هذه الآية، فأنزل الله جل إنزاله «إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ» الذين سلم الناس من لسانهم وأيديهم وسلمت أشخاصهم من العيوب الحسية والمعنوية «وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، وإنما ذكر الإسلام والإيمان لأنهما الأصل لمادة المدح الدنيوي والأخروي «وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ» المتواضعين لله الخاضعين لأوامره والطائعين عن رغبته «وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ» بأقوالهم وأفعالهم ونياتهم، وإنما وصفهم الله تعالى بالطاعة والصدق لأنهما عنصر الإسلام والإيمان وملاك مراد الأزواج «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ» على المصائب كافة، فلا
يجزعن ولا يشكون بل يفوضون أمرهم إلى الله. والصبر نصف الإيمان وقد ذكره الله في القرآن ما يزيد على تسعين مرة لعظمه وعظم المتحلين به عنده، «وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ» المستكينات الطائعات المتذللات الساكنات.
واعلم أن ملاك الخضوع يكون في الصوت والبصر والجوارح وإنما وصفهن بالصبر والخضوع لأنهما من متممات الإيمان والإسلام، ومن دواعي السرور للأزواج «وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ» بما يفضل عن الحاجة وبما يؤثر على النفس «والصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ» الفرض والنفل وهاتان الصفتان من أركان قوام الهيئة الاجتماعية وأركان الدين القويم «وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ» من كل