سوء «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ» لأن ذكر الله ينور القلب ويحمي من الوقوع في المنكر ودوامه يوجب التيقظ والمحافظة على هذه الأوصاف العشرة التي ما بعدها وصف، فهي جامعة لمحاسن الأخلاق والآداب وكمال أركان الدين ونهايته مع الله والناس أجمعين، وعنايته في العطف على الفقراء والأقارب والمساكين، وهؤلاء الذين يتصفون بهذه الأوصاف المزدوجة المحافظون عليها «أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً» سترا لذنوبهم وعفوا عن عيوبهم المتقدمة والمتخللة بينها، فلا يطلع عليها أحدا في الدنيا «وَأَجْراً عَظِيماً»(٣٥) في الآخرة راجع الآية ٥٩ الآتية، ولما أراد صلّى الله عليه وسلم زواج بنت عمته زينب بنت جحش الأسدية لمولاه زيد المار ذكره في الآية ٤ إذ بين للناس أنه ليس بغلامه وكان أخوها عبد الله وأمهما أمية بنت عبد المطلب كرها زواجها له لأنه شهر بأنه عبد وكرهت هي ذلك أيضا وكانت حديدة المزاج، فأنزل الله تعالى «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» بل يكون لله ورسوله فقط لأن مخالفتهما عصيان «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً»(٣٦) فرضوا كلهم تسليما لأمر الله ورسوله وزوجها منه على ستين درهما وعشرة دنانير وخمارا ودرع وملحفة وخمسين مدا من طعام وثلاثين صاعا من تمر، لأنه في الحقيقة ليس بعبد كما مرت الإشارة إليه في الآية المذكورة آنفا، وإلا لما زوّجها إليه صلّى الله عليه وسلم وهي بنت عمته ومن سنته الكفاءة بين الزوجين، ثم ألقى الله كراهتها في نفس زيد بسبب تعاظمها عليه وتباهيها بشرفها ولما تعلم عنه أنه كان خادما وصارت لا تحترمه ولا توقره بلسانها، فذكر ذلك لحضرة الرسول مرارا وهو يأمره بالصبر عليها علتها تتبدل إلى أحسن وهي لا تزداد إلا عدم مبالاة به، فقال يا رسول الله لا بد لي من طلاقها، فقال له هل رابك منها شيء؟ قال لا والله وإنما ما ذكرت لك من أذيتي وإهانتي بتكابرها علي، فأمره بإمساكها أولا وثانيا وثالثا وهو يصبر معها على مضض لما هو عليه من عزة النفس والمروءة والشهامة ويخشى غضب الرسول إن طلقها، ولم يزل يراجع الرسول حتى خيره بطلاقها وإمساكها، فطلقها، وكان الله أعلم رسوله بأنها ستكون