أنس قال ما أولم النبي صلّى الله عليه وسلم على شيء من نسائه ما أولمه على زينب أولم بشاة.
وفي رواية أكثر وأفضل ما أولم على زينب. قال ثابت بم أولم؟ قال أطعمهم خبزا ولحما، حتى تركوه زوجه الله امرأة الرجل المعروف بأنه عبده وأنه تبناه أخيرا. «لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً» الوطر إدراك الحاجة وبلوغ المراد فإذا قضى الرجل نهمته من شيء له همة فيه قالوا قضى وطره منه، وهذا مقيد بشرط قضاء الوطر، فلا يجوز إجبار العبد على ترك زوجته لمولاه أو لغيره وكذلك الحر «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ» في هذه الحادثة كما هو في غيرها «مَفْعُولًا»(٣٧) ماضيا نافذا لا محالة. هذا هو الواقع في هذه القصة، ومن قال إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رآها وهي عند زيد فأعجبته وتمنى طلاقها منه وزواجها به لا صحة له ولا يليق بمقامه الكريم وعصمة الأنبياء ومنصبهم الشريف، كيف وهو الذي زوجه إياها وهي بنت عمته ولا تنحجب عنه لا هي ولا غيرها، وما هذا القول إلا جرأة عظيمة وفرية كبيرة وبهت محض على حضرة الرسول وقلة معرفة بذاته الجليلة ونفسه الطاهرة وجهل بحكمة التشريع المتقدمة التي تضمنتها الآية ٣٧، ألا فليحذر الخائضون في هذا من غضب الله ونقمته، على أن الله تعالى بسبب تواري حضرة الرسول عن التصريح بما أخبره قد أنبه بهذه الآية، ولهذا قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: لو أخفى رسول الله شيئا من الوحي لأخفى هذه الآية لما فيها من معنى التكدير لحضرته صلّى الله عليه وسلم ولكنه أمين الله في سمواته وأرضه، فويل للقاسية قلوبهم من عدم تصديقه بما جاء به وأخبر عن ربه عز وجل وبما يتكلم به. قال تعالى «ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ» جناح وإثم أو مانع ما «فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ» وأحله وأباحه من نكاح زينب وتعدد الزوجات لكون هذا «سُنَّةَ اللَّهِ فِي» الأنبياء «الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ» محمد لأنهم كانوا لا يرون بأسا من الإقدام على ما أباحه الله لهم ووسعه عليهم من النكاح وغيره، وقد كان لداود عليه السلام مئة امرأة وثلاثمئة سرية ولسليمان ثلاثمئة حرة وسبعمئة سرية ولا شك أن لهذا التعدد في حيته حكما لسنا في معرض إيضاحها «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً»(٣٨) بزمان ومكان مثبتا واجب