للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فانطلقنا تتعادى بنا الخيل حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب، فقالت ما معي من كتاب، فقلنا أخرجي الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله قالوا وفيه أن محمدا يريدكم فخذوا حذركم، فقال صلّى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا؟ فقال يا رسول الله لا تعجل علي اني كنت أمرأ ملصقا في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلته كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا أرضى بالكفر بعد الإسلام، فقال صلّى الله عليه وسلم انه صدقكم، فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلّى الله عليه وسلم انه شهد بدرا وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وهذا من الإخبار بالغيب ودلائل النبوة ومعجزاتها. وجاء في خبر أنهم لما قالت لهم ما عندي من كتاب رجعوا، ثم قالوا كيف وقد قال صلّى الله عليه وسلم ان معها كتابا وهو لا ينطق عن هوى؟

فرجعوا إليها وقالوا لها ما قالوا بالحديث من التهديد، فأخرجته لهم. والمراد بإلقاء الثياب ما عندها من أشياء ولباس كي يتحروه لا غير، إذ لا يظن بأصحاب رسول الله ما يتصوره الغير من هذا الكلام، قال تعالى مبيّنا ما ننطوي عليه قلوب الكفرة على المؤمنين «إِنْ يَثْقَفُوكُمْ» يظفروا بكم هؤلاء الذين تتقربون إليهم «يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً» ولا يقدرون مودتكم لهم بل يعدونها نفاقا منكم لهم وخوفا منهم لأنهم يتربصون بكم الدوائر وعند سنوح الفرصة ينتقمون منكم «وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ» بالقتل والسلب والسبي «وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ» من سب وشتم وتحقير وإهانة ونسبة الكذب والخيانة، لأن العدو إذا عرفكم خنتم قومكم بما تطلعونه عليه من أخباركم لا يأمن لكم ولا يولونكم من أمرهم شيئا ويقولون لكم إن الذي يخون قومه فهو لغيرهم أخون فلا يركن إليكم ولا يأمنكم، فتبقون محقرين عندهم أذلاء مهانين مهددين بالقتل والسبي إن لم يقتلوكم حالا «وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ» (٢) وترجعون إلى دينهم، وانهم لاسمح الله لو ظفروا بكم لقسروكم على الكفر لتكونوا

<<  <  ج: ص:  >  >>