لغير أهله، وليراقب مغبة هذه الأحاديث، ومن وصايا سيدنا عمر إلى معاوية إذا تقدم لك الخصمان فعليك بالبينة العادلة أو اليمين القاطعة وادناء الضعيف حتى يشتد قلبه وينبسط لسانه، وتعاهد الغريب فإنك إن لم تتعاهده سقط حقه ورجع إلى أهله، وإنما ضبع حقه من لم يرفق به، وآسي بين الناس في لحظك وطرفك، وعليك بالصلح ما لم يتبين لك فصل القضاء. وجاء في الحديث الذي رواه ثوبان لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له، وأخرجه البغوي عن أنس- وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم أربع إذا كن فيك فلا عليك فيما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة طعمة. وأخرج عن ميمون بن مهران ثلاث تؤدى إلى البر والفاجر الرحم توصل برة كانت أو فاجرة، والأمانة تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفى به للبر والفاجر. وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال ثلاث من كنّ فيه فهو منافق وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان. واختلف في سبب نزول هذه الآية في رواية ابن عباس وابن مسعود والبراء بن عازب وأبي جعفر وأبي عبد الله أنها عامة كما جرينا عليه وعليه أكثر المفسرين وعن زيد بن اسلم واختاره الجبائي أنها خاصة بولاة الأمور على الوجه الذي ذكرناه فيهم، والآية تدل بسياقها على كلا الأمرين، ولا يمنع عمومها في جميع الأمانات خصوص سببها في الأمراء، وما رواه البغوي من أنها نزلت في عثمان بن طلحة وهي رواية عن ابن عباس، وانه أسلم يوم الفتح فيه نظر، لأن عثمان هذا على ما قاله أبو عمرو بن عبد البر وابن منده وابن الأثير أنه هاجر إلى المدينة بعد هدنة الحديبية سنة ثمان مع خالد بن الوليد، ولقيهما عمرو بن العاص مقبلا من عند النجاشي فرافقهما وهاجر معهما، فلما رآهم النبي صلّى الله عليه وسلم قال لأصحابه رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، يعني أنهم وجوه قومهم من أهلها فأسلموا. نعم إن عثمان المذكور جاء بالمفتاح يوم الفتح وسلمه لحضرة الرسول وطلب العباس إن يضمه إليه مع السقاية، قالوا وكان حضرة الرسول قبل الهجرة أراد أن يدخل البيت، فطلب المفتاح من عثمان هذا فلم يعطه إياه، ولم يفتح له الباب، فقال صلّى الله عليه وسلم إني رسول الله قال له