لو علمت انك رسوله لما منعنك، فقال له سيأتي يوم إن شاء الله أنزعه منك، فلما كان الفتح وأتى عثمان بالمفتاح وطلبه العباس ظن أنه لا يعيده إليه لما سبق منه فنزل جبريل وأمره برده إليه عن أمر ربه وتلا هذه الآية فرده إليه وقال
خذها يا بني طلحة (يعني سدانة البيت) خالدة مخلدة لا ينزعها منكم إلا ظالم، ثم إنه أعطاه بعد إلى أخيه شيبة وهي حتى الآن في ذريته فإذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم تلا هذه الآية بعد الفتح عند ذلك بمناسبة رد المفتاح إلى السادن القديم فلا يعني أنها نزلت في هذا الشأن، لأن هذه السورة نزلت قبل الفتح بسنتين ولا يجوز أن يقال إن هذا لعلة من الإخبار بالغيب، لأن هذه من الأقوال الواقعية لا المخبر بوقوعها وليست من الأقوال حتى تكرر والله أعلم. ومما يؤيد نزول هذه الآية فيما ذكرنا قوله تعالى بسياقها «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» من جنسكم وقومكم أيها المؤمنون فإن هذه فرع عن قوله (وَإِذا حَكَمْتُمْ) الآية، ويؤكده قوله عز وجل «فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ» من أمر دينكم ودنياكم «فَرُدُّوهُ» ارجعوا به في طلب حله «إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ما دام حيا وإلى كتاب الله وسنة رسوله بعد وفاته «إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» فافعلوا ما تؤمرون به «ذلِكَ» الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله «خَيْرٌ» لكم من الاستبداد بالرأي واتباع هوى أنفسكم فيه «وَ» تأويل الرسول له «أَحْسَنُ» من تأويلكم، لأنه لا ينطق عن الهوى بل يتبع الوحي المنزل عليه فيه من ربه وما يلهمه الله مما يلقيه في روعه، لذلك كان تأويله «تَأْوِيلًا»(٥٩) خيرا من تأويلكم وأحمد عاقبة روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني. وروى البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم حدود الله. إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولهذا البحث صلة في الآية ١٥٩ من سورة الأنعام في ج ٢، فراجعها. والآية عامة في كل أمير وما قاله عكرمة أراد بها أبا بكر وعمر للحديث المروي عن حذيفة. قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إني لا أدري ما يقال فيكم فاقتدوا بالذين بعدي أبي بكر