ففطن له يهودي كان مع المقداد فقال قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم وايم الله لقد أذنبنا ذنبا مرة في حياة موسى يريد سلفهم
فدعا موسى إلى التوبة منه فقال اقتلوا أنفسكم ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين الفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا، فلما سمعه ثابت بن قيس بن شماس قال أما والله إن الله يعلم مني الصدق، ولو أمرني محمد أن أقتل نفسي لفعلت. هذا وإن ما جاء في الحديث وإن كان يدل على حادثة الزبير وخصمه إلا أنه لا يدل على نزول الآية فيها والآية متصلة بما قبلها وتابعة للسبب الأول، والله تعالى أعلم، لأن الزبير لم يقطع بقوله إنها نزلت في حادثة الأنصاري بل قال احسب بأنها نزلت في ذلك تدبر. قال تعالى «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ» هؤلاء المنافقين «أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» لتقبل توبتكم كما فرضنا على بني إسرائيل قبل «أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ» كما أمرناهم بالخروج من مصر مع نبيهم «ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ» رياء وسمعة لأن المنافقين ظاهرهم غير باطنهم، وإن ثابتا المشار إليه من القليل، وقيل لما نزلت هذه الآية، قال عمر وعمار وابن مسعود من أصحاب رسول الله والله لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا، فبلغ هذا رسول الله فقال إن من أمّتي لرجالا الإيمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي، وهؤلاء أيضا من القليل، اللهم اجعلنا منهم واحشرنا معهم. «وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ» وانقادوا لحكم الرسول «لَكانَ خَيْراً لَهُمْ» في الدارين «وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً»(٦٦) لإيمانهم وأقرب للتودد لرسولهم «وَإِذاً» لو فعلوا ذلك اتباعا لأمرنا ونزولا لحكمنا الذي نطق به رسولنا «لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً»(٦٧) على انقيادهم ورضاهم بحكم الرسول «وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً»(٦٨) لا يزالون متمسكين به حتى يوصلهم الجنة، كان صلّى الله عليه وسلم رأى مولاه ثوبان متغيرا فقال ما غير لونك؟ وكان شديد الحياء شديد الحب لرسول الله قليل الصبر عنه، فقال يا رسول الله ما بي مرض إلا أني أستوحش إذا لم أرك وأخاف أن لا أراك في الآخرة لعلو مقامك، فأنزل الله «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ