وظهور طويتهم بالإصرار على العداء. قال تعالى «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً» من غير قصاص البتة، إذ لا يصح ولا يجوز له ذلك بوجه من الوجوه أبدا «إِلَّا خَطَأً» بأن ضرب حيوانا أو حربيا فأصاب إنسانا غير مقصود، وهذا الاستثناء منقطع، أي لكن إذا وقع القتل خطأ على هذه الصورة فيلتزم القاتل بما قال تعالى «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً» محضا غير مقصود، كأن انطلقت من يده عفوا أو ضرب حيوانا فأصابه من غير أن يعلم أن هناك إنسانا «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» عليه كفارة لفعله عند الله «وَدِيَةٌ» لازمة عليه أيضا «مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ» الأقربين الأحق بإرثه «إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا» أي ورثة القتيل على القاتل بأن يعفوا عنهم ويتركوا الدية فلا يطلبوها منه، وهذا إذا كان المقتول مؤمنا وأهله مؤمنين «فَإِنْ كانَ» المقتول «مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ» كافرين «وَهُوَ مُؤْمِنٌ» لا ورثة له «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» على القاتل فقط ولا تلزمه الدية إذ لا توارث بين المؤمن والكافر، ولم يتعلق بقتله إلا حق الله تعالى، فعليه حقان حق الله وحق الورثة المؤمنين الذين يجب تطييب خاطرهم بإعطاء الدية «وَإِنْ كانَ» المقتول كافرا ولكنه «مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ» أي معاهدة «فَدِيَةٌ» مخففة تلزم بها أنت أيها القاتل وعائلتك تؤديها مقسّطة على ثلاث سنين وتكون خلالها «مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ» الأدنين المستحقين لميراثه «وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» كفارة عليه تجاه حق الله والدية حرمة للعهد الذي بينكم، لأن المعاهدين لهم ما لنا وعليهم ما علينا ما داموا مؤمنين بالعهد قائمين بالشروط التي التزموها وإلا فلا، هذا ولما كانت أحكام الله تعالى بينة بعدم الحرج فقد خفضه بقوله «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ» رقبة يعتقها أو لم يقدر على شرائها «فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ» كفارة من عتق الرقبة ويكون هذا الصيام «تَوْبَةً» له مقبولة «مِنَ اللَّهِ» عما وقع منه، لأن توبة الله عليه متوقفة على عتق الرقبة، وعند الاعياء عنها يقوم الصيام مقامها، فإن لم يفعل أحد هذين لا تقبل توبته «وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً» بما يشرعه لعباده فيما يكون من صالحهم «حَكِيماً»(٩٢) بأفعاله كلها. واعلم أن حكم هذه الآية عام في كل ت (٣٨)