ما يقع من القتل على الصورة المذكورة. وسبب نزولها هو أن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان أسلم في مكة سرا وهرب إلى المدينة، فقالت أمه لا بنيها أخويه لأمه، الحارث وأبي جهل: والله لا يظلّني سقف ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتياني به، فذهبا إليه وذكرا له ذلك، وجزع أمه عليه، وعاهداه على أن لا يكرهوه على شيء من الكفر والردة عن الإسلام، وبعد أن توثق من حلفهما له ذهب معهما أداء لحق أمه، فلما أوصلاه مكة أوثقاه ثم جلده كل واحد مائة جلدة، فحلف لئن تمكن من الحارث ليقتلنه، فقالت أمه لا أحلّ وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به، وتركته بالشمس، إلى أن أعطاها ما أرادت، ثم أسلم وهاجر، فلقي الحارث وحده فقتله، فقال له الناس ويحك إنه أسلم لأن ذلك كان بعد قتل أبي جهل، فذهب إلى الرسول وأخبره
، فأنزل الله هذه الآية.
وقيل نزلت في الرجل الذي قتله أبو الدرداء بعد أن نطق بالشهادتين. وهذا الحكم في القتل خطأ. أما في شبه العمد وهو أن يضرب إنسانا بما لا يقتل عادة فيموت أو يدفعه بما لا يظن فيه الموت فيموت كوكز موسى عليه السلام القبطي، راجع الآية ١٥ من سورة القصص في ج ١، فيلزمه الدية مغلظة تستوفى من عائلته خلال ثلاث سنين أيضا، وتلزم الكفارة وهي عتق رقبة، أو عند العجز صيام شهرين كما مرّ. أما في قتل العمد فلا دية ولا كفارة، إذ لا يطهر القاتل المتعمد إلا القصاص، لأن قتل العمد شبه الاستحلال لا يطهر القاتل منه إلا بتسليم نفسه للقتل إظهارا للتوبة النصوح الصادقة أو العفو من قبل ورثة القتيل أو بعضهم، لأن القتل لا يتجزأ، وترجح جهة العفو على غيره، فإذا عفا عنه بعض الورثة سقط القصاص عنه وتلزمه الدية المغلظة أيضا لورثته وهي مئة من الإبل أو قيمتها ألف دينار ذهبا، أو اثنا عشر الف درهم فضة، أو مئتا بقرة، والفا شاة، وكيفية تغليظها أن تكون ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، في بطونها أولادها. وتخفيفها أن تكون عشرين بنت مخاض، ومثلها بنات لبون، ومثلها حقاق، ومثلها جذاع، ومثلها أبناء لبون. ودية المرأة على النصف في كل ذلك. هذا هو الحكم الشرعي الخطأ وشبه العمد أو العمد، أما الاستحلال