ما يفسره أو ما يسمعه من تفسير غيره على هامش مصحفه أو بين سطوره، حتى ظنها بعضهم أنها في جملة القرآن والقراءات، وهذا لا ينافي كتابة الأحاديث أي تدوينها على حدة، لأنها ليست من القرآن ولا تكتب معه، إذ لا يجوز أن يكتب معه غيره البتة، وكانت حافظة الأميين وصحف الكاتبين والصحف التي عند حضرة الرسول وفي بيته إلى أن توفاه الله، والنسخ التي عند كتبة الوحي جميعها متعاونة على حفظ كتاب الله إنجازا لوعده في قوله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الآية ٩ من سورة الحجر في ج ٢، هذا وفي واقعة اليمامة التي قتل فيها سالم المذكور سنة ١٢ من الهجرة نسخه زيد بن ثابت بأمر من الخليفة أبي بكر وصاحبه عمر رضي الله عنهما في الرقاع واللخف وجريد النخل إلى صحف فقط كما مر آنفا، وإنما خص هذا الأمر العظيم بزيد لأنه أحد كتبة الوحي الأمينين، قال تتبعته من الرقاع والعسب واللخف الموجودة في بيت الرسول عند السيدة عائشة رضي الله عنها، وفي صدور الرجال حيث كان رضي الله عنه، يستقرأ الرجال الحفاظ ويقابل قرائتهم على ما في الرقاع واللخف والعسب، عند ما يحصل له شبهة في بعض الحروف والكلمات المحتكة ببعضها لزيادة التيقن بها خوفا من زيادة حرف أو نقصه فيما ينسخه لشدة حرصه عليه، ولئلا ينفرد بما يعلمه، وبعد أن أكمله على هذه الصورة وضعت تلك الصحف المشتملة على القرآن كله عند أبي بكر فبقيت عنده مدة حياته ثم عند عمر مدة حياته ثم عند حفصة كما هو ثابت في صحيح البخاري، وإنما وضعت عند حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وسلم لأنها بنت الخليفة، وتقرأ وتكتب فهي نعم الأمينة على كتاب الله.
مطلب توزيع نسخ القرآن وأمر الناس بقراءتها ولما ولي عثمان رضي الله عنه وصار يغازي أهل الشام في فتح أرمينية واذربيجان سنة ٢٥ من الهجرة، طلبها من السيدة حفصة بتكليف من حذيفة اليماني وغيره من الأصحاب الكرام فأعطتها (وبعد الاستشارة بينهم انتصر رأيهم الصائب على نسخها