في المصاحف بمعرفة الأمناء الصادقين، زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد ابن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأمرهم عند الإختلاف في شيء من ألفاظه أن يكتب بلسان قريش لنزوله بلغتهم، فنسخوا ستة مصاحف أرسل واحدا منها إلى الشام، وواحدا إلى الكوفة، وواحدا إلى البصرة، وواحدا إلى مكة، وأبقى واحدا لنفسه، وواحدا لأهل المدينة، ومن قال أن النسخ سبع قال أرسل السابعة لأهل البحرين، ثم أمر بحرق ما سواها من الصحف المتفرقة لئلا يقع خلاف بين القراء، ولتتحد القراءات على نمط واحد كما أنزل ولهذا وصم عثمان رضي الله عنه بعض المارقين بحرّاق المصاحف، نسأل الله أن يحرق المارق بناره لأن عثمان رضي الله عنه لم يرد بذلك إلا الخير، وكان سعى الصحابة بجمعه بموضع واحد بين دفتين لا غير، وزادهم عثمان بنسخه والأمر بالتقيد بما نسخوه، ومنع ما سواه من مراجعة الصحف واللخاف وغيرها وإرسال نسخ منه للبلاد الإسلامية، فالفرق بين جمعهم وجمعه هو ذلك لا غير، قال زيد بن ثابت: فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع الرسول يقرؤها (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) الآية ٢٢ في ج ٣، وقد وجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله شهادته شهادة رجلين، ويعرف بذي الشهادتين فألحقتها بسورتها ووجدت آخر سورة التوبة (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) مع خزيمة أو أبي خزيمة بن أوس بن زيد الأنصاري غير خزيمة الأول فألحقتها بسورتها، وذلك بسبب تفتت بعض اللخاف المسطورتين عليها، وهو يعرفها لأنه أحد الحافظين الأربعة، وانه كان ينسخ لنفسه ما ينسخه لحضرة الرسول، فيعرف ما ينقص من آي التنزيل ويعلم مواضعه، وهذا ليس اجتهادا منه بل لثبوت حفظها ولسماعها من حضرة الرسول ولتأكد ما يحفظه على ما هو بحفظ الغير لئلا ينفرد بشيء ما، إذ لا محل للاجتهاد في شيء من ذلك ولا في ترتيب السور والآيات بل هو أمر توقيفي كما ذكرنا في المطلب السابق، ومن قال خلاف هذا فلا قيمة لقوله، وهذا هو معنى القول الشائع بأن