«وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ» ظلما بغير حق، وبهذه الأسباب الأربعة شددنا عقوبتهم لكفرهم بتعاليم رسولهم وكتابهم «وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً»(١٦١) وإنما قال تعالى منهم لعلمه أن منهم من يؤمن بعد. قال تعالى «لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ» المتوغلون في حقائقة، كعبد الله بن سلام وأصحابه «وَالْمُؤْمِنُونَ» بالله ورسله «يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ» يا سيد الرسل «وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ» يصدقون به ويؤمنون إيمانا كاملا به «وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ» قرىء بالنصب على الاختصاص أو المدح وبالرفع عطف على المؤمنين «وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ» بالرفع عطفا على المؤمنين أيضا «وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ» المتصفون بهذه الصفات «سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً» في الآخرة لا تقدر قدره عقولهم، لأنه فوق ما يتصورون مكافأة لإيمانهم هذا بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قال تعالى «إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ» الاثني عشر أولاد يعقوب عليه السلام، ونظير هذه الآية الآية ١١٢ من سورة الشورى في ج ٢، ولم يذكر الله تعالى موسى عليه السلام، لأنه أعطي التوراة جملة واحدة والذين ذكرهم من الأنبياء لم تنزل عليهم كتبهم دفعة واحدة كمحمد صلّى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، ولذلك ذكرهم في معرض سؤالهم السابق «وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً»(١٦٣)«وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ» نزول هذه السورة «وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ» بعد وهم كثيرون. سأل أبو ذر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الأنبياء، فقال مئة الف وأربعة وعشرون الفا، قال كم الرسل منهم؟ قال ثلاثمائة وثلاثة عشر أولهم آدم وآخرهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، منهم العرب الأقدمون أربعة هود وصالح وشعيب وإسماعيل، إذ تعلم العربية من جرهم، وقد أرسل إليهم وخاتمهم محمد صلّى الله عليه وسلم، وقد بينا ما يتعلق بهذا في الآية ٨٤ من سورة الأنعام ج ٢ «وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً»(١٦٤) وجعلناهم كلهم أنبياء لأنفسهم وجعلنا منهم «رُسُلًا