للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما يتعلق بقوله تعالى (عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) لأنها نظيرتها إلّا أنها مصدرة بلفظ سارعوا، وإلّا فأكثر ألفاظها تشابه هذه «ذلِكَ» الغفران والجنّة «فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ» من عباده فضلا منه «وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢١» واعلم أنه يوجد في القرآن ستّ وخمسون آية مبدوءة بحرف السّين واعلموا أيها النّاس إن «ما أَصابَ» الله عباده وخلقه «مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ» من جدب وقلة ثمر وآفات للزروع والفروع «وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ» من الأمراض وفقد الأولاد والأموال وجمع الاكدار «إِلَّا» وهو ثابت مدون «فِي كِتابٍ» الله الأزلي مقصور وقوعه عليكم في الزمان والمكان «مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها» قبل خلق الأرض لأنها خلقت قبل البشر والجن وغيرهما وقبل خلق الأنفس، لأن كلّ ما هو مقدر على الخلق من المصائب مدون عليهم قبل خلقهم، وهذا يقول الله تعالى «إِنَّ ذلِكَ» أي إثباته في اللّوح المحفوظ قبل إيجاده للعيان مع كثرته «عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» (٢٢) هين إذ لا يعسر عليه شيء، وقد أخبركم بتقدير ذلك كله «لِكَيْلا تَأْسَوْا» تحزنوا وتهتموا «عَلى ما فاتَكُمْ» من الدّنيا، لأن فواته محتم، ولا يمكنكم الحصول عليه مهما طلبتموه «وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ» لأنه مقطوع بوصوله إليكم ولو لم تطلبوه، وهو لا يستوجب الفرح، لأنه فإن وأنتم فانون، وإن لم تتركوه يترككم. وكثيرا ما يجر هذا الحطام إلى الفخر والخيلاء «وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ» (٢٣) هذا والمراد بالحزن المذموم وهو المخرج صاحبه عن دائرة الصّبر والتسليم لأمر الله لا مطلق الحزن، إذ لا يخلو إنسان منه، كما ان المراد بالفرح الملهي عن الشّكر لا مطلق الفرح الذي تنبسط منه النّفس بالطبع، فهذان لا بأس بهما وكذلك لا يحبّ «الَّذِينَ يَبْخَلُونَ» بأموالهم على فقراء الله التي منحهم الله إياها «وَ» مع هذا فإنهم «يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ» ويعرض عما أراده الله منه «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ» عنه «الْحَمِيدُ» (٢٤) لمن أطاعه. قال تعالى «لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا» محمدا فمن قبله «بِالْبَيِّناتِ» الحجج الواضحة والبراهين السّاطعة الدّالة على رسالتهم «وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ» المتضمن

<<  <  ج: ص:  >  >>