زينة الدّنيا وزخارفها وحب المال والجاه والرّياسة، واستحلوا لحوم الخنازير والخمرة، وقد ذمّ سيدنا عيسى عليه السّلام الخنزير بقوله تجعلون الدّراري في أعناق الخنازير وقال لا أشرب بنت الكرم بعد اليوم. وكان عيسى عليه السّلام لا يشربها أبدا، وكان لا يأتي النّساء مع قدرته ترهبا وهضما لنفسه، وهو أول من سن المعمودية راجع الآية ٧ فما بعدها من سورة مريم ج ٢ تقف على مزاياه عليه السّلام، وقال عيسى عليه السّلام: من نظر إلى امرأة أجنبية يشتهيها فهو يزني، والآن اختلطت نساؤهم برجالهم وتركوا الختان وهو سنة ابراهيم، والغسل من الجنابة وهو من سنن الأنبياء وحرموا الطّلاق وهو ما لم يحرمه الأنبياء، وإنما كرهوه وخالفوا أحكاما مسطورة في أناجيلهم الأربعة ولم يتقيدوا بالوصايا العشر المسطورة في التوراة والمأمور بها في الإنجيل. قال تعالى «فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ» بعيسى وماتوا قبل بعثة محمد والّذين آمنوا بمحمد وماتوا على إيمانهم «أَجْرَهُمْ» في الدّنيا والآخرة «وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ»(٢٧) أهلكناهم بفسقهم وخسروا الدّنيا والآخرة. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» بموسى وعيسى «اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ» محمد الذي هو خاتم الرّسل المصدق لرسلكم فإذا آمنتم به «يُؤْتِكُمْ» ربكم «كِفْلَيْنِ» حظين أو نصيبين «مِنْ رَحْمَتِهِ» واحد لإيمانكم بموسى والتوراة، وآخر من رحمته أكبر وأوفر منهما لإيمانكم بعيسى والإنجيل، وسهم عظيم لإيمانكم بمحمد والقرآن، وهذه الثلاثة كلها كفل واحد، والثاني ثلاثة أيضا بينها بقوله «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً» عظيما يوم القيامة وهذا النّور لا يزال يصاحبكم في مواقفها ثم «تَمْشُونَ بِهِ» على الصّراط المضروب على متن جهنم في حالة أنتم أشد حاجة له من غيره «وَيَغْفِرْ لَكُمْ» ما سلف منكم قبل الإيمان وبعده إذا متم مؤمنين «وَاللَّهُ غَفُورٌ» للمؤمنين الموقنين «رَحِيمٌ»(٢٨) بهم يوفقهم لما يحبه ويرضاه من الأعمال. روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، والعبد المملوك الذي أدى حق مواليه وحق الله، ورجل كانت عنده أمة يطأها فأدبها وأحسن تأديبها وعلمها وأحسن