والزيادة عكس هذه الأشياء، ومن الزيادة زيادة الأصبع وشبهه، وقد يكون اثنان برأس واحد، ورأسان بجثة واحدة، يخلق ما يشاء «وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ»(٨) لا يتجاوزه، فالقادر على هذه الأشياء وتمحيصها هو «عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) » على مخلوقاته تشير هذه الآية الكريمة إلى الأوزان الكيماوية التي لم تكشف إلّا بعد وقوف علماء أوريا الدّنيويين على أصول تحليل العناصر وتركيبها، واطلاعهم على أن لكل عنصر موجود في هذا الكون مقدارا محدودا، وأنه يستحيل أن يتركب جسم من الأجسام إلّا على مقادير معينة منها الماء، فإن تركيبه الكيموي؟؟ لتركبه على نسبة ثمانية أو كسجين إلى واحد هدروجين وهذه النّسبة لا تزيد ولا تنقص، فلو نقص من أحدهما عشر معشار الدّرهم لا يتولد الماء، وإن زدنا على أحدهما يحصل التركيب على القدر الذي قدره لهما والزائد يبقى معلقا والتولد سر خفي يسمى الألفة الكيمياوية، ولما كان أمرها غامضا لم يقف ولن يقف على كنهها واقف للاشارة إليها بقوله (عالِمُ الْغَيْبِ) بعد قوله (اللَّهُ يَعْلَمُ) لان استحالة تكون الجنين ومعرفة كنه تولد الأرحام سواء. ولكبير أهمية مقادير العناصر ذكرها الله سبحانه في قوله الجليل (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) الآيتين ٢١ و ٢٢ من سورة الحجر في ج ٢ إذ لو زاد أو كسجين أهواء لهاجت النّفوس واضطربت أو زاد نتروجينه لاعتراها الموت، فالحكمة الإلهية جعلته مزيجا منها على قدر معين محدود بحيث تلطفت حرارة الأوّل ببرودة الثاني، فتأمل معجزات القرآن العظيم وانظر هل كان إبان نزوله من يعرف هذا غير منزله؟ وهناك معجزات أخرى لم تختمر بعد في العقول لتظهر للملأ وصدق الله في قوله العزيز (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) الآية ٣٨ من الأنعام في ج ٢ وفي كلّ ما جاء عنه في كتبه وعلى لسان رسله ورحم الله الأبوصيري حيث يقول:
آيات حق من الرّحمن محدثة ... قديمة صفة الموصوف بالقدم
فلا تعد ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسام