السدي هذه أرجى آية في القرآن لذكر المغفرة مع الظّلم بدون التوبة راجع الآية ٨٥ من سورة الإسراء ج ١ تجد ما يتعلق في هذا البحث «وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ ٦» لمن يموت على كفره «وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا» هلا «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ» على الرّسول محمد صلّى الله عليه وسلم الذي يدعونا إلى دينه «آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ» يقنعنا بها كآية صالح أو موسى وغيرهما يريدون شيئا محسوسا فقال تعالى لرسوله لا ترد عليهم «إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ» لهم سوء عاقبة الكفر ومبشر بحسن نتيجة الإيمان «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» يهديهم بما أرسل إليه من ربه إلى دينه القويم بالطرق التي أمره بها ربه لا بما يريدون ويتحكمون، لأن الله تعالى لم تجر عادته أن ينزل الآيات على حسب اقتراح الكفرة، وإنما ينزلها بإرادته ومشيئته على من يريد من عباده، أما ناقة صالح عليه السّلام فكانت بمراد الله وتقديره في أزله أنهم يطلبونها من نبيهم فيعطونها، وما عموم إلّا وخص منه البعض مثل رفع العذاب عن قوم يونس راجع الآية ٩٨ من سورته في ج ٢. ثم شرع جل شأنه يقص عليهم من عظائم قدرته وبالغ علمه بما يغنيهم عن الآيات إذا عقلوا فقال جل قوله «اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى» هل هو كامل الخلق أو
ناقصه حسن أم دميم طويل أو تصير ذكر أو أنثى يعيش أو لا يعيش عالم أو جاهل غني أو فقير ويعلم مدة حمله وعيشه في الدّنيا ورزقه وأجله وكلّ ما يقع منه وما يؤول إليه أمره في الدّنيا والآخرة، وهذا العلم مما استأثر به نفسه المقدسة وقد عجز الحكماء عن معرفة شيء من ذلك حتى الآن، ولا يزالون عاجزين إلى الأبد، راجع الآية الأخيرة من سورة لقمان في ج ٢ تجد ما يتعلق في هذا البحث بصورة واضحة «وَما تَغِيضُ» تنقص «الْأَرْحامُ» تسقطه من الحمل يعلمه متى يكون «وَما تَزْدادُ» عن الواحد ومن نقص الأرحام والحيض زمن الحمل فإنه ينقص غذاء الجنين فيخرج ضعيفا، قال أبو حنيفة رحمه الله لا تحيض المرأة حال حملها لأن الله تعالى أجرى عادته بانسداد فم الرّحم بالحمل وما تراه الحامل من الدّم فهو استحاضة ودم الاستحاضة يكون من مرض وشبهه فيسبب ضعفا بالحامل فينشأ عنه ضعف الجنين، وقد تسقطه، وقد يخرج ناقص الخلقة ويولد لأقل من تسعة أشهر،