شيئا ما، فيا سيد الرّسل «قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» وما يعمله خلقه من خلقه «وَهُوَ الْواحِدُ» المتفرد بالخلق «الْقَهَّارُ»(١٦) لكل شيء لا أوثانهم العاجزة عن حفظ نفسها وهذا الإله الجليل هو الذي «أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ» به «بِقَدَرِها» الذي علمه قبل نزوله «فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً» رغوة بيضاء قيقاء تشبه الزبد منتفخة مرتفعة على وجه السيل وهذا مثل ضربه الله تعالى لعباده بمثل آخر وهو «وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ» من الذهب والفضة «ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ» لا تكون إلّا منهما، وإنما أعيد الضّمير إلى الذهب والفضة مع عدم ذكرها للمعلومية، راجع قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقوله تعالى (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) الآية ٣٢ من سورة ص في ج ١ فيما يتعلق بهذا الضّمير لأن الحلية لا تكون إلّا منهما، أما الأحجار الكريمة التي يتحلى بها فلا توقد، عليها النّار، لذلك لا يتصور إعادة الضّمير إليها «أَوْ مَتاعٍ» آخر من غيرهما كالحديد والنّحاس والرّصاص وكلّ ما يذاب مما يتخذ منه الأواني وما يتمتع به فيكون له «زَبَدٌ مِثْلُهُ» مثل زبد الماء بسبب غليانه على النّار، ولا دخل للأحجار الكريمة في هذا أيضا، لأنها لا تذاب على النّار «كذلك» مثل هذا المثل «يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ» الذي ينتفع به مثل الماء والذهب وبقية المعادن المنطبعة «وَالْباطِلَ» الذي لا ينتفع به كرغوة الماء وخبث المعادن المعبر عنها بالزبد المعبر عنه بقوله عز قوله «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً» متلاشيا لا فائدة فيه «وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ» كالماء الصّافي وجوهر المعادن المذكورة التي يتزين بها «فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ» وعلى النّاس «كَذلِكَ» مثل هذا الضّرب «يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ»(١٧) ليعتبر خلقه بها قال تعالى «لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ» ما دعاهم إليه «الْحُسْنى» الجنّة إذ لا أحسن منها مقعدا ولا أهنا منها مشربا، ولا أمرا منها ماكلا، فنعمة الجنّة مكافأة لهم وجزاء «وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ» دعاءه هم النّار والدّمار وحين يعانون عذابها يتمنون «لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ» مما يلاقونه من هولها ولكن ليس لهم ذلك، ولو فرض أنهم يملكونه وأرادوا أن يفتدوا به