وذلك لأن أصواتهم منصرفة إلى أوثانهم وهي لا تجيبهم لأنها محجوبة عن الله تعالى لعدم دعائهم إياه ولأنهم يأنفون من السّجود لعظمته «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً» واختيارا رغبة ورضى وشوقا كالملائكة والرّسل والمؤمنين المخلصين «وَكَرْهاً» جبرا وقسرا رغم أنوفهم كالكفار والمنافقين عند نزول الشّدائد بهم، ولكن لا فائدة لهم من ذكره لأنهم لا يرجون له ثوابا ولا يعتقدون به، وإنما يخضعون لله حال الضّيق والمحنة فقط «وَظِلالُهُمْ» تسجد لعظمته أيضا تبعا لهم. والضّمير فيه يعود ان في الأرض، لأن من في السّماء لا ظل له «بِالْغُدُوِّ» من طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس والغدوة والغداة منها إلى نصف النّهار «وَالْآصالِ»(١٥) جمع أصيل ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذا ويجب على من قرأ هذه الآية ومن سمعها السّجود لله تعالى كما مر في الآية الأخيرة من سورة والنّجم في ج ١ «قُلْ» يا سيد الرّسل لهؤلاء الّذين لا يعرفون الله تعالى إلّا عند نزول البلاء بهم ولا يدعونه إلّا عند اشتداد الأزمة رسلهم «مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» فإن لم يجيبوك عتوا وعنادا فأنت «قُلِ اللَّهُ» لأنهم يتلعثمون عند قول الحق ويترددون عن الإجابة عنه، وإذا قالوه يقولونه جبرا، ثم «قُلْ» توبيخا لهم لاتخاذهم أوثانا يزعمون أنها تشفع لهم «أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ» لأموركم أصناما «لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا» فما فائدتكم منهم بعد أن علمتم أن مالك الضّر والنّفع هو الله لا غير، ومما يدل على تمام معرفتهم به أنه يملك ذلك ويملك الحياة والموت والخير والشر، إنهم يدعونه عند الشّدة، ومن جهلهم وحمقهم يعرضون عنه عند الرّخاء قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظّلمات والنّور» فبالطبع
يقولون لا، فقل لهم كما لا يستوي هذان الصّنفان، لا يستوي الكفر والإيمان الوثن والرّحمن، راجع الآية ٢١ من سورة فاطر في ج ١ تجد ما يتعلق في هذا البحث «أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ»
سماء وأرضا وشمسا وقمرا وإنسا وجنا وملائكة ووحشا وأنهارا وبحارا «فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ» الخلق الذي خلقه شركاؤهم فلم يميزوا بين خلق الله وخلق أوثانهم، كلا لم تخلق