وإهانتهم وكسر شوكتهم. قال تعالى «وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ» يكون خاصة لحضرة الرّسول يضعه حيث شاء، لأن الذي يقسم على الجيش هو الذي يحصل بالمقاتلة أو المشقة، وهذا ليس كذلك، لأن قريتهم على ميلين من المدينة، وقد جاؤا مشيا على الأقدام ولم يتجشموا من جرائهم تعبا ولا نصبا.
قال تعالى مبينا ما هو المراد من صدر الآية وموضحا كيفية تقسيم الغنائم واختصاصها بقوله جل قوله «فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ» الوجيف سرعة السّير أي فما أجريتم على اغتنامه «مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ» حتى تستحقوا منه شيئا، وذلك ان بني النّضير لما أجلوا وتركوا رباعهم وضياعهم وخيلهم، طلب بعض المسلمين الّذين كانوا مع حضرة الرّسول قسمتها بينهم كما فعل بغنائم خيبر، فأنزل الله هذه الآية يعلمهم فيها أن ليس لهم بشيء منها من حق لأنهم لم يتجشموا من أجلها متاعب ولم يقطعوا فيها مشقة، ولذلك خصصها لحضرة رسوله، أما الذي يكون بشيء من ذلك فحكم تقسيمه ما أوضحناه في الآية ١٠ من سورة الأنفال، وهكذا كلّ مدينة يسلم أهلها بلا قتال على شيء أو بدون شيء، والتي تدخل صلحا في حوزة المسلمين فإن ما يحصل منها في الفيء يكون للامام يضعه في بيت مال المسلمين وينفقه بعد في حوائجهم ومصالحهم وعلى الطّرق والثعور وفي السّلاح وغيره مما يراه نافعا وعلى المذكورين في الآية الآتية «وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ» فيأخذهم بالرعب دون قتال وسوق جيش يناله مشقة بالوصول إليهم كهؤلاء «وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(٦) يأخذ أناسا بقتال وأناسا بغيره، ومع هذا فإن حضرة الرّسول صلّى الله عليه وسلم قسمه بين المهاجرين والأنصار كما رواه البخاري عن عن مالك ابن أوس الفهري، وقد أشار الله إلى هذا بقوله «ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» لأن مجيئها بلا أداة العطف دليل على أنها بيان للآية قبلها وهي إيضاح من الله للرسول فيما يضع بما أفاء الله عليه خاصة، وأمره له بان بضعه حيث يضع الخمس من الغنائم، وقد بينا الفرق بين الفيء والغنيمة هناك فراجعه، وقد أمر الله تعالى رسوله بذلك «كَيْ لا يَكُونَ» الفيء