باللعن «أَنْ تَشْهَدَ» هي أيضا على نفسها «أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ»(٨) فيما رماها به «وَالْخامِسَةَ» تزيد فيها ما أشار الله إليه بقوله «أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ» زوجها «مِنَ الصَّادِقِينَ»(٩) فيما رماها به من الزنى لا في شهاداته المخمسة، وهو كذلك يقرن اللعن في الشّهادة الخامسة فقط، وجعل الغضب في جانبها بمقابل اللّعن الذي بجانبه لأنهن يستعملنه كثيرا، فربما جر أن عليه لكثرة جريه على لسانهن وسقوط وقوعه عن قلوبهن ليكون رادعا لهن.
أخرج في الصّحيحين عن سهل بن سعد السّاعدي أن عويمر العجلاني جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال له أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقنلونه أم كيف يفعل؟
فقال صلّى الله عليه وسلم قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا فاذهب فأت بها، قال سهيل فتلاعنا وأنا مع النّاس عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله أن مسكنها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره، فكانت تلك أي قضية الطلاق بعد التلاعن سنة للمتلاعنين. وفي رواية: ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم انظروا ان جاءت به اسحم أدعج العينين عظيم الإليتين خدلج السّاقين، ولا أحسب عويمرا إلا صدق عليها، وان جاءت به اسحم أحيمر كأنه دحرة فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها، فجاءت به على النّعت الذي نعت صلّى الله عليه وسلم من تصديق عويمر، وكان بعد بنسب إلى أمه. هذا مختصر من حديث طويل، وروى البخاري عن ابن عباس أن هلال ابن أمية قذف امرأته خولة عند النّبي صلّى الله عليه وسلم بشريك بن سمعاء، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلم البينة أو حد في ظهرك فقال يا رسول الله إذا رأى أحد على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل النّبي صلّى الله عليه وسلم يقول البينة أو حد في ظهرك فقال هلال والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه هذه الآية، فأرسل إليهما فجاءا فقام هلال بن أمية فشهد والنّبي صلّى الله عليه وسلم يقول يعلم الله أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كانت الخامسة وقفها وقال إنها موجبة أي ان هذه الشهادة الخامسة المقرونة باللعن والغضب توجب وقوعه عليها إن كذبت، وإن غضب الله عظيم أجارنا الله منه، وذلك ليحملها على الصّدق قال ابن عباس فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت لا أفضح قومي