الّذين غضب الله عليهم وأصمهم وأعمى أبصارهم، والمراد بالجيوب في الآية هو شق الثوب مما يلي الصّدر وكانوا يتوسعون بذلك لإخراج الثدي لإرضاع الولد حتى تبدو صدورهن منها وكن يسدلن الخمر سدلا وهي الملافع وراءهن، فأمرهن الله في هذه الآية أن يسدلن بعضها على صدورهن كي تكون كالمقانع يغطين النّحر والعنق والصّدر والأذان وما فيهما من الأقراط وما على صدورهن من الحلي وعلى أكتافهن من الشّعر حتى لا يبقى إلّا تدويرة الوجه فيسدلن عليه شيئا من طرفه الآخر لأن الوجه والكفين وإن كانا ليسا من العورة في الصّلاة ففي خارجها عورة يحرم النّظر إليها خشية الافتتان. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت يرحم الله نساء المهاجرين الأوّل، لما أنزل الله (وَلْيَضْرِبْنَ) إلخ الآية، شققن مروطهن فاختمرن بها.
والمرط كساء من صوف أو خز او كنان «أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ» من الجواري، فكل هؤلاء يجوز النّظر لهم إلى محارمهم عدا ما بين السّرّة والرّكبة، أما المملوكون المذكورون فلهم النّظر للزينة الظّاهرة فقط سواء كانوا فحولا أو خصيين أو عنينين، قال سعيد بن المسيب لا تغرنكم سورة النّور فإنها في الإماء دون الذكور، وظاهر القرآن يؤيد ذلك، لأن الآية مسبوقة لما قبلها أي معطوفة على نسائهن، والمراد بهن الأحرار فناسب عطف النّساء المملوكات عليهن. وقال بعضهم إذا كان العبد عفيفا جاز له الدّخول على سيدته والنّظر إليها إلّا ما بين السّرّة والرّكبة مستدلين بأن السّيدة عائشة رضي الله عنها أباحت لعبدها النّظر إليها، ويروى ذلك عن أم سلمة أيضا، وروى أنس أن الرّسول أتى فاطمة بعبد وقال إنه ليس عليك بأس إنما هو غلامك، إلا أن هذه الرّوايات لم تثبت صحتها ثبوتا يركن إليه ويمكن جعلها حجة للاستدلال، وعلى فرض صحتها فأين العفة المطلوبة بالعبد الآن، وأين عبيدنا وخدمنا من عبيدهم وخدمهم، ونساؤنا من فاطمة وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهن، على أن قوله صلّى الله عليه وسلم للسيدة فاطمة لا بأس عليك إنه غلامك على فرض صحته يصرف إلى نظر الوجه واليدين إذ لا يمكن حجبهما عن الخادم الأمين لضرورة الأخذ والعطاء، أما نساء الرّسول صلّى الله عليه وسلم فلا قياس عليهن، لأنهن أمهات المؤمنين أجمع ولا يمنع النّاس من النّظر إلى أمهاتهم، ومع هذا كن