للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالم من قبل أن وعده منجز إن الله لا يخلف الميعاد الآية ٩ من آل عمران المارة وقال عز قوله (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ) وقال جل قوله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا)

الآيات الآية ١١٢ من سورة التوبة الآتية والآيتين ١١٢ و ١٥٢ من سورة النّساء المارة، كلا لا أحد أوفى وأصدق البتة، وحاشاه من الخلف، وإنما يقع منا نحن المسلمين المؤمنين اسما لا فعلا، فلو كنا مؤمنين حقيقة إيمانا صحيحا كما أراده الله منا لكانت كلمتنا هي العليا دائما ولكنا أعزاء بعزة الله تعالى ورسوله المنوه بهما بالآيتين آنفا، ولكنا تركنا فتركنا ونسينا فأهملنا، قال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) الآية ٦٨ من سورة التوبة الآتية وقال تعالى محذرا ومنذرا (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) الآية ١٩ من سورة الحشر المارة، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) راجع هذه الآية ٥٤ من سورة الأنفال المارة ونظيرتها الآية ١١ من سورة الرّعد المارة أيضا وإنا والله قد غيرنا وبدلنا وخنا أنفسنا وإخواننا لأنا لم نساعدهم عند ما يتجاوز عليهم إذا كنا بأمن مما يصيبهم، وهذه هي الخيانة العظمى، لذلك تبع الله هذه الجملة بقوله «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ» (٣٨) لحقوقه ومن حقوقه نصرة المؤمنين ومعونتهم بعضهم لبعض، لأن المؤمن أخو المؤمن لا يخذله ولا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره ولا يتخلى عنه إذا وقع في شدة أو أحاطت به الأعداء، بل يجب عليه نصرته مالا وبدنا، المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فإذا لم يساعد بعضهم بعضا تفرقوا وانهاروا كما يتهار البناء غير المتقن أساسه، هذه فلسطين ينتابها العدو فيخذل أهلها، ويسلب مالهم وملكهم، ويقتل رجالهم، ونحن نسمع ونرى ونقعد عنهم ونعد أنفسنا مؤمنين، بل نحن القاعدون كالّذين أشار الله إليهم في الآية ٨٢ من سورة التوبة الآتية المتخلفون عن مساعدة إخواننا ولا نتأذى لأذيتهم، والمؤمنون الصّادقون كالجسم الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالسهر والحمى، فإذا تناصر المؤمنون فتعاونوا وتشاركوا بالضر والنّفع وأخلصوا لربهم دافع عنهم ونصرهم ورفع كلمتهم وأعلى شأنهم، كيف والله يقول (كَتَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>