للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي)

الآية من آخر سورة المجادلة، وإنه تعالى يوفي لهم وعده المشار إليه في الآيات المارة، ومتى ما تخاذلوا وتقاطعوا ولم يبال بعضهم ببعض أهينو كلهم، واسترقوا وهلكوا أو ندموا من حيث لا ينفعهم النّدم، راجع الآية ١٠٢ من آل عمران فما بعدها، قال تعالى «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ» من قبل أعدائهم بأن يقاتلوهم بالمقابلة، وإنما أذن الله لهذا الصّنف بقتال أعدائهم «بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» من قبلهم وتوالت عليهم تعدياتهم القولية والفعلية وكانوا يشكون أمرهم لحضرة الرّسول فيأمرهم بالصبر إذ لم يؤذن لهم بالقتال حتى خرج قوم من هذا الصنف مهاجرين بدينهم من مكة إلى المدينة قاصدين الالتحاق بحضرة الرّسول صلّى الله عليه وسلم فاعترضهم قوم من مشركي مكة فاعتدوا عليهم فأنزل الله هذه الآية وهي أول آية نزلت بالقتال بعد أن نهى عنه رسوله في نيف وسبعين آية أخرج ابن جرير عن أبي العالية أن أول آية نزلت (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) الآية ١٩٧ هذه من سورة البقرة المارة، وإنما رجح في الآية بأنها أول آية نزلت في القتال لأن نزولها قبل هذه الآية التي نحن بصددها، ولأنها مقيدة بقتال من قاتل، والآية التي نحن بصددها أكثر إطلاقا منها، فمن هذه الحيثية يقال إنها أول آية نزلت في القتال على الإطلاق، راجع الآية ٥٤ من سورة النّساء المارة، لأن الّذين نزلت هذه الآية بحقهم هم من ذلك القبيل: أما ما جاء في الإكليل للحاكم من أن أول آية نزلت في القتال (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فلا يصح، لأن هذه الآية ١١٣ من سورة

التوبة التي لم تنزل بعد لأنها متأخرة في في النّزول عن ذلك كله، وهي نزلت جملة واحدة تأمل «وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» (٣٩) تشير هذه الجملة إلى الوعد لهم بالنصر دون معونتكم لهم ولكن الله تعالى يريد أن تتناصروا على العدو ليزداد التآلف بينكم ولتكونوا يدا واحدة على الأعداء لتهابكم وتعظموا بأعينهم فلا يجرأوا على إيقاع شيء فيكم. ثم وصفهم الله بقوله «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ» وما كان سبب إخراجهم «إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» لا غير، وهذا يوجب إبقاءهم فيها وإكرامهم وصيانتهم واحترامهم، لا إخراجهم وإهانتهم «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>