ضاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السّماء وتقول اللهم إليك أشكو فأنزل الله أوائل هذه السّورة. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة خولة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكلمته في جانب البيت وما أسمع ما تقول، فأنزل الله (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) وذم الظّهار بقوله عزّ قوله «الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ» حتى يجعلوهن مثلهن «إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ» لا زوجاتهم «وَإِنَّهُمْ» المظاهرون الّذين يجعلون زوجاتهم كأمهاتهم «لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً» كذبا باطلا لأن الأمهات محرمات على التأبيد بتحريم الله تعالى، والزوجات لا يحرمن بمجرد تشبيههن بالأمهات «وَإِنَّ اللَّهَ»
المنفرد بأمر عباده كثير الصّفح والسّماح والمنّ والعفو عنهم وعما سلف مما وقع من المظاهرين «لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» .
مطلب في الظّهار وحكمه والمخلص منه وكيفيته والمشاورة والنّجوى والتكلم بغير لغة القوم:
الحكم الشّرعي هو أن الظّهار من طلاق الجاهلية كالإيلاء راجع الآية ٢٢٧ من البقرة تجد بحثه وهو أن يقول الرّجل لزوجته أنت علي كظهر أمي، ومعناه علوّي عليك حرام كعلوي على أمي، وعلوه على أمه حرام لأنهم يريدون بهذا العلو الجماع، لأن الرّجل يعلو المرأة فيه، وكذلك لو قال كبطن أمي أو شبه عضوا منها بعضو أمه، وكذلك إذا شبهها بإحدى محرماته بلفظ من هذه الألفاظ فيكون مظاهرا من زوجته، ثم بين الله تعالى المخرج من مأزق هذا اليمين مما يجعله حلّا منه ويسترد به زوجته لعصمته فقال «وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا» أي يرجعون عن أقوالهم لنسائهم من الألفاظ التشبيهية لهن بأمهاتهم أو غيرهن من محارمهم ليحلوا ما حرموا على أنفسهم منهن، وكيفية العود أن يبقيها عنده ولا يخرجها من بيته، ولكن لا يعاملها معاملة الأزواج حتى يكفر عن يمينه بما ذكره الله، فيعد هذا رجوعا وندما على ما وقع منه. ثم ذكر الله تعالى الكفارة التي يتحلى بها يمينه بقوله أولا «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» عتق عبد من عبيده إذا كان له عبيد، وإلّا فيشتري عبدا ويعتقه «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا»