إذ يجب عليه العتق أولا ثم يعامل زوجته معاملة الأزواج إذ لا يجوز له قربانها قبل التكفير «ذلِكُمْ» الحكم الشّرعي شرعه الله لكم في تحليل المظاهرات «تُوعَظُونَ بِهِ» أيها المؤمنون وتتأدبون من أن تعودوا لمثله «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»(٣) لا يحتاج إلى إخبار لأن أعمالكم كلها من جملة معلوماته الأزلية وإنها معروفة عنده «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ» رقبة يعتقها ولم يقدر على شرائها لضيق ذات يده فصيام شهرين متتابعين تكون كفارته تخفيفا عليه وتبسيرا من ربه، وهذا الصّيام أيضا يجب أن يتمه «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا» مثل كفارة العتق «فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ» أن يصوم لكبره أو مرضه المزمن «فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» كفارته تسهيلا عليه من لطف الله تعالى والإطعام يكون لكل مسكين نصف صاع من البر أو صاع من غيره وهو ما يغذي الرّجل يوما واحدا من أوسط الطّعام كما سيأتي بيانه مفصلا في الآية ٩٢ من سورة المائدة، وكذلك يجب أن يتصدق بهذا الإطعام قبل المجامعة «ذلِكَ» البيان الشّافي والتخفيف الكافي «لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» وتزدادوا إيمانا وشكرا وحمدا إذ لم يجعل عليكم حرجا فيما شرعه لكم إكراما لرسولكم كما هو مدون في أزله وتعملوا بما أمرتم به عن اعتقاد ويقين وصدق وحزم وتتركوا ما كان عليه أسلافكم من أمور الجاهلية التي قلدتموهم بها. واعلم أن هذه لا تعد ناسخة لما كان في الجاهلية، لأن الظّهار لم يقرر في الإسلام كشرع ولم يعمل به كمأمور به، وإنما كان عادة مستقة من عوائد الجاهلية، والنّسخ لا يدخل إلا على ما كان مشروعا كما أشرنا إليه في الآيتين ١٧ و ١٥٠ من سورة البقرة، وما كان عليه عمل الجاهلية لا يسمى شرعا لأنهم لم يأخذوها من شرع قديم أو يكتسبوها من تعاليم الأنبياء، إذ لا شرع ولا كتاب لهم بل من عوائد آبائهم، لأن نبيهم إسماعيل عليه السّلام اندرست شريعته ولم يترك لهم كتابا يرجعون اليه، ولهذا لم يفت به حضرة الرّسول، لأنه حكم من الأحكام ولم ننزل عليه فيه شيء، وهو لا ينطق عن هوى. قال تعالى «تِلْكَ» الأحكام المتلوة عليكم أيها النّاس في «حُدُودُ اللَّهِ» التي لا يجوز تخطيها المفروض عليكم اتباعها «وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ»(٤) يوم القيامة عدا ما ينالونه في الدّنيا تدل هذه الآية دلالة قاطعة