للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن رءوس النّاس من كلّ معشر ... وأن ليس في أرض الحجاز كدارم

وان لنا المرياع في كلّ غارة ... تكون بنجد أو بأرض التهائم

ولما انتهى أمر صلّى الله عليه وسلم شاعره حسانا أن يجيب شاعرهم، فقال:

بني دارم لا تفخروا إن فخركم ... بصير وبالا عند ذكر المكارم

هبلتم علينا تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم

فقال صلّى الله عليه وسلم لقد كنت يا أخا دارم غنيا أن يذكر منك ما ظننت أن النّاس قد نسوه، فكان قوله عليهم أشد من قول حسان الذي ذكرهم بما هو واقع منهم، ومعلوم لديهم، لأنه تأييد له وتأكيد، ثم رجع حسان لشعره فقال:

فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن يقسموا في المغانم

فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا ... ولا تفخروا عند النّبيّ بدارم

وإلّا ورب البيت قد مالت القنا ... على هامكم بالمرهفات الصّوارم

فقام منهم الأقرع بن حابس وقال إن خطيبهم أحسن من خطيبنا وشاعرهم أجود من شاعرنا وأسلم. ثم أعطاهم رسول الله وكساهم وتخلف عنهم عمرو بن الأهشم فأعطاه مثلهم، فأزرى به بعضهم بسبب تخلفه وارتفعت أصواتهم وكثر لغطهم عند رسول الله، فنزلت. واعلم إنما يصح هذا إذا كانت هذه الحادثة قبل إسلام الأقرع وقبل سنة الوفود أما بعدهما فلا يصح أن يكون سببا للنزول لأن إسلام الأقرع كان قبل واقعة حنين والوفود كانوا سنة تسع فليراجع. روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: لما نزلت هذه الآية جلس ثابت بن قيس في بيته وقال أنا من أهل النّار، واحتبس عن النّبي صلّى الله عليه وسلم فسأل عنه سعد ابن معاذ فقال يا أبا عمر ما شأن ثابت أيشتكي فقال سعد يا رسول الله إنه لجاري وما علمت له شكوى، قال فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال ثابت أنزلت هذه، ولقد علمتم اني من أرفعكم صوتا على رسول الله، فأنا من أهل النّار، أي ولذلك احتجب عن رؤية حضرة الرّسول لأنه علم أن رفع الصّوت قلة أدب وعدم احترام لحضرته الكريمة، فذكر ذلك سعد للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله بل هو من أهل الجنّة، ثم صار ابو بكر وعمر وغيرهما لا يكلمون حضرة الرّسول إلّا كأخي السّرار

<<  <  ج: ص:  >  >>