طريق صحيح، والأخبار فيها متعارضة، لأن رواية ابن عباس في بيت حفصة وما نقله الكشاف أنها في بيت عائشة، وفي رواية أنس التي أخرجها الحاكم والنّسائي لم تعين الأمة ولا البيت، وإنما ذكرا فيها أن عائشة وحفصة لم تزالا برسول الله حتى جعلهما حراما على نفسه. قال النّووي في شرح مسلم الصحيح أن الآية في قصة العسل لا في قصة مارية. وقال الخافجي نقلا عنه، الصواب أن شرب العسل كان عند زينب خلافا الحديث المروي في الصّحيحين عن عائشة أيضا بأن العسل شربه عند حفصة وإن عائشة وسودة وصفية تواطأن عليه بذلك، أي اتفقن فيما بينهن على ذلك القول، لأن الخطاب في الآية إلى اثنتين لا إلى ثلاثة. وقال الطيبي فيما نقله عن الكشاف من أنه صلّى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة وعلمت ذلك حفصة، فقال لها اكتبي عليّ، وقد حرمت مارية على نفسي، وأبشرك بأن أبا بكر وعمر سيملكان بعدي أمتي. ما وجدته في الكتب المشهورة فضلا عن تضاربها واختلاف رواتها واضطرابهم بالاسم والزمان والمكان، ولا أراها إلّا موضوعة أو ملفقة فلا عمدة على شيء فيها، ولهذه الأسباب اعتمدنا الرّواية الأولى الثابتة في الصحيحين والتي لا طعن فيها، تأمل قال تعالى «قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ» بأن أوجب عليكم كفارة لتحليل يمينكم. وإنما جمع الضّمير تضخيما لسيد المخاطبين وإعلاما بأن هذا الحكم ليس له وحده بل لأمنه أيضا «وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ» جميعا وناصركم ومغيثكم ومؤيدكم «وَهُوَ الْعَلِيمُ» بما يقع منكم «الْحَكِيمُ»(٢) يحلل ويحرم ويرخص في الأمور وقد يسر عليكم في كفارة الأيمان وسهلها لكم رحمة لكم. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال إذا حرم الرجل امرأته فهو يمين يكفرها، وقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
وفي رواية إذا حرم امرأته ليس بشيء. والحكم الشّرعي فيها لو قال أنا عليك حرام ونوى الطّلاق يقع، ولو قال أنا حرام ولم يقل منك وعليك لا يقع، وإن نوى ولو قال لامرأته مرتين أنت علي حرام ونوى بالأول الطّلاق وفي الثانية اليمين فهو على ما نوى. راجع بحث الكنايات في فتاوى الهندية والبزّازية والخانية والأنقروي وغيرها من كتب الفتاوى والفقه كالدرر والدّر وغيرها. قال تعالى مبينا القصة