للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي هي سبب التحريم «وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً» لم يذكره الله ما هو، والمجمع عليه أنه قصة شرب العسل عند زينب وحلفه أو تحريم مارية، أو أمر الخلافة على ما مرّ لك، وقوله لحفصة أنه لا يعود إليه كما أنه تعالى لم يذكر التي أسر إليها إلّا أن أكثر الأخبار تدل على أنها حفصة، ولذلك خصصناها بالذكر والله أعلم «فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ» أخبرت حفصة عائشة بالأمر الذي علمته «وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ» بان أطلعه على اخبارها واتفاقها مع عائشة على مسألة المغافير المارة، وقد «عَرَّفَ بَعْضَهُ» إلى حفصة بأن قال لها إنك قلت لعائشة كذا وكذا مع اني نهبتك ان تبوئي بما قلته لك من شرب العسل وغيره «وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ» وهو قوله إني حلفت فلا تخبري أحدا فلم يقله لها، ولم يؤنبها عليه، إلا أنه غضب من افشائها ما أسره لها، مع أنه أمرها بكتمانه وهمّ بطلاقها، فأتاه جبريل وقال له لا تطلقها فإنها صوامة قوامة، وانها من نسائك في الجنّة. وهذا وان كان ليس بشيء إلّا أنه بالنسبة لمقام حضرة الرّسول شيء عظيم، كما أن ما يقع منهن لو وقع من الغير لما سمي ذنبا البتة، ولكن الأنبياء يعدونه كبيرا بالنسبة لمقامهم من الله عز وجل، على حد حسنات الأبرار سيئات المقربين. قال تعالى «فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا» النبأ الذي ذكرته مع أنه لم يطلع عليه أحد إلّا أنا وعائشة «قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ» ٣ بكل ما يقع في ملكه، قبل لما بلغ ذلك عمر وظن أن حضرة الرّسول طلقها قال لها لو كان في الخطاب خير لما طلقك رسول الله. قال تعالى «إِنْ تَتُوبا» على طريق الالتفات وهو أبلغ من المعاتبة، والخطاب لعائشة وحفصة لأنهما اللّتان تواطأتا على ذلك كما مر آنفا وترجعا «إِلَى اللَّهِ» عما وقع منكما من الاتفاق والتعاون على أذى حضرة الرّسول وعلى كتمان ما يأمر كنّ بكتمانه، لأنه الواجب عليكما طلبا لرضائه، لأن الله تعالى يغفر لكما ما بدر منكما، لأن ما تواطأتما به عليه «فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما» به أي زاغت ومالت هما هو الواجب عليكما من الإخلاص لحضرته بأن تحبا ما يحبه وتكرها ما يكرهه، وامتثال أمره مهما كان، وقد وجد منكما ما يوجب التوبة وهو ميل قلوبكما عن الامتثال لما أراده منكما

<<  <  ج: ص:  >  >>