مطلب الفرق بين إن النّافية والمخففة ومما يدل على عموم رسالته صلّى الله عليه وسلم والفرق بين لم ولما:
ووجود اللام في (لَفِي) دليل عليها وتسمى اللام الفارقة بين النّافية التي هي بمعنى ما وإن المخففة، لأن اللام لا تأتي بعد إن النّافية «وَآخَرِينَ مِنْهُمْ» عطف على الأميين وهم كلّ من آمن بهذا النّبي الأمي واتبع دينه إلى يوم القيامة «لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ» لم يدركهم وسيجيئون بعدهم، أي فكما أنه صلّى الله عليه وسلم مبعوث لأهل مكة ومن حولها في ذلك الزمن مبعوث أيضا للأجيال الحادثة الآتية بعدهم وهذه الآية أيضا فيها دلالة على عموم رسالته صلّى الله عليه وسلم التي المحنا إليها في الآية ٢٨ من سورة سبأ في ج ٢ وعلى كونه خاتم الأنبياء كما أشرنا في الآية ٤٠ من سورة الأحزاب المارة، وعلى فضله العام المنوه به في الآية ٢٥٣ من سورة البقرة المارة ولهذا البحث صلة في الآية ١٥٨ من سورة الأعراف في ج ١ فراجعها. واعلم أن النفي بلمّا متصل إلى زمن التكلم بخلاف النّفي بلم فإنه منقطع عنه، فإذا قلت جئت ولم يأت زيد مثلا فيحتمل أنه جاء بعد مجيئك، وإذا قلت ولما يأت فيكون المعنى لم يأت إلى زمن التكلم. هذا وجاء في الحديث المخرج في الصّحيحين عن أبي هريرة قال كنا جلوسا عند النّبي صلّى الله عليه وسلم إذ نزلت سورة الجمعة فتلاها فلما بلغ وآخرين منهم إلخ قال له رجل يا رسول الله من هؤلاء الّذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يكلمه حتى سأله ثلاثا، قال وسلمان الفارسي فينا فوضع رسول الله يده على سلمان وقال والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من هولاء. راجع الآية الأخيرة من سورة القتال سورة محمد صلّى الله عليه وسلم المارة لتعلقها بهذا البحث. واعلم أن هذا الحديث لا يخصص الآية بالفرس والأكراد ولا يقيدها بهم كما قال بعضهم لأن الآية عامة فيهم وفي غيرهم إلى يوم القيامة من كلّ من يأتي بعد ويدين بدين الإسلام من الملل والنّحل كافة، لأن المسلمين أمة واحدة عربهم وعجمهم أبيضهم وأحمرهم أسودهم وسمرهم وأصفرهم «وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»(٣) الذي أيد هذا النبي الأمي ومكّنه في أمره العظيم ونصره على من أرسله إليهم ونشر دينه في مشارق الأرض ومغاربها «ذلِكَ» الفضل الذي خص به هذا الرّسول المحترم