الأخرى يوم حاصر حضرة الرّسول غطفان بنخل إذ جاءه رجل من المشركين وقال يا محمد أرني سيفك، فأعطاه إياه، ثم شهره عليه وقال له من يمنعك مني؟ فقال، الله، فسقط السّيف من يده، ونحو حادثة يهود بنى النّضير حينما ذهب إليهم بطلب إعانته على دية الرّجلين الّذين قتلهما عمرو بن أمية الضّمري بعد انصرافه من بئر معونة فتلقوه بالترحاب وأجلسوه ليجمعوا له الدّية فتآمروا على أن يطرحوا عليه، حجرة من أعلى الحصن فأنزل الله جبريل عليه السّلام وأخبره بنيتهم وما أجمعوا عليه فقام من مكانه وتركهم بعصمة الله تعالى إياه في هاتين الحادثتين، وعصمه وأصحابه في الحادثة الأولى المشار إليها في هذه الآية والمشار إليها في الآية ١٧٣ من آل عمران المارة المنبئة عن مثل هذه النّعم، لأن سياقها ينطبق على هذه الحوادث وغيرها مما فيه عصمة الله لرسوله وأصحابه وحادثة بن النّضير الأخرى حينما طلبوا منه الصّلح وقرروا الغدر به المار ذكرها في الآية ١٢ من سورة الرّعد المارة، وما ضاهى هذه الحوادث، إذ تصلح هذه الآية أن تكون سببا للنزول في كل منها لموافقتها المعنى، وقد ذكرنا غير مرة بأن سبب النّزول يجوز تعدّده ومقارنته للحادثة وتأخره عنها، وقد يطلق لفظ القوم على الواحد كلفظ النّاس المار ذكره في الآية ١٧٣ من آل عمران المذكورة آنفا وإن ضرر الرّئيس ونفعه يعود على المرءوس، وما يراد به فهو مراد بهم. قال تعالى «وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ» لما ذكر الله تعالى بعض غدر قوم محمد بمحمد ونقضهم عهده اردف بذكر غدر قوم موسى بموسى ونكثهم ميثاقه تسلية له صلى الله عليهما وسلم فقال «وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً» رئيسا وعمدة وشريفا وعميدا وزعيما «وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ» أنصركم وأعينكم وأحفظكم من كلّ سوء يراد بكم «لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي» الحاضرين معكم موسى وهرون ومن قبلهم «وَعَزَّرْتُمُوهُمْ» ووقرتموهم وعظمتموهم ونصرتموهم على أعدائي «وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً» بأن تعطوا قسما من أموالكم للفقراء عن طيب نفس بلا من ولا أذى، فإذا قمتم بهذه الأمور الخمسة المذكورة في هذه الآية المؤذنة بالقسم وعزتي وجلالي «لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ