سائر الخلق، راجع الآية ٤٦ من سورة النّور المارة فيما يتعلق في هذا البحث، ومنه تعلم أن لا اعتراض على الله فيما يخلق لأنه لا يسأل عما يفعل «وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(١٧) لا يعجزه شيء وإذا كان المخلوق من غير أب يسمى إلها فمن باب أولى أن يكون آدم ثم حواء لأن الإيجاد من الأم أهون من الإيجاد من الأب فقط، والإيجاد من الأب أهون من الإيجاد بلا أم ولا أب، ولم يسبق أن سمى أحد آدم إلها ولا حواء، فكيف يسمون عيسى إلها، راجع الآية ٦٤ من آل عمران المارة للاطلاع على هذا البحث، وحكاية أسير الرّوم. ثم ذكر ما يتبجح به أهل الكتابين مما ليس كائنا بقوله عز قوله «وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى» فيما سبق «نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ» خاصة من دون النّاس فيا أكمل الرّسل «قُلْ» لهؤلاء الكذبة إذا كنتم تزعمون ذلك «فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ» التي ترتكبونها، لأن المحب لا يعذب حبيبه ولا يوقعه بما يوجب تعذيبه، ولهذا ردّ الله عليهم بقوله «بَلْ» ليس الأمر كما ذكرتم لأنكم «أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ» لا أبناؤه ولا أحباؤه وهو المختار بأمر خلقه «يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ» من عباده كما تقتضيه كلمته الأزلية لا مانع لما يريد، ولا راد لحكمه، «وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ»(١٨) لا إلى غيره. وبسبب هذه المقالة أن اليهود يقولون إن الله أوصى إلى إسرائيل إني أدخل ولدك النّار أربعين يوما بقدر مدة عبادتهم العجل، ثم أخرجهم، فلذلك يعنون أن الله يعطف عليهم كعطف الأب على ولده، وهذا معنى ما حكاه الله عنهم في قوله (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) الآية ٨٠ من البقرة المارة وهي مكررة في غيرها، وإن النّصارى تأولوا قول المسيح أثناء حديثه لهم (إني أذهب إلى أبي وأبيكم) وقوله لهم (إذا صليتم قولوا يا أبانا الذي في السّماء تقدس اسمك) ، فذهبوا إلى ظاهر هذا القول وقالوا إن المسيح ابن الله؟ راجع الآية ٣٢ من سورة التوبة الآتية، لأنهم لم يعلموا مراد المسيح إذا صحت هذه المقالة عنه بأن الأب الأكبر لهذا البشر كله هو الله ربه ومربيه ومدبر أمره وهو أشفق عليهم من أبيهم الصّلبي، فلهذا وبسبب انتسابهم لأسلافهم الأوائل