للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهم فيجب على الحاكم أن يحكم بينهم سواء كانوا كافرين أو ذميين أو مسلمين أو مخالفين ويجب أن يكون الحكم بمقتضى ما أنزل الله. قال تعالى «وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ» الرجم للزاني المحصن كغيره من الأحكام الأخر المتعلقة بأمر دينهم ودنياهم وآخرتهم «ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ» عن حكمك الموافق لما في كتبهم ويعرضون «مِنْ بَعْدِ ذلِكَ» التحكيم الذي لجأوا اليه ورضوا به، وهذا تعجيب من حالهم لأنهم يعلمون يقينا أن الزاني المحصن يرجم بنص التوراة ثم يطلبون من حضرة الرّسول أن يحكم لهم بخلاف ما شرعه الله له ولأمته الموافق لما في التوراة، ولذلك كان يحكم في الرّجم وهو لا ينطق ولا يتأول ولا يفعل شيئا عن هوى، ولكن لا عجب لأنهم لا يصدقون بكتابك ولا يؤمنون بك وانهم يحكمون على ما يلائم المصلحة بحسب الأشخاص «وَما أُولئِكَ» الّذين هذه حالتهم «بِالْمُؤْمِنِينَ» ٤٣ بكتابهم ولا نبيهم، فلو آمنوا بها لآمنوا بكتابك، لأن الحكم بالكتابين واحد، فلا معنى إذا لقولهم إنهم آمنوا بالتوراة وبموسى، لأن من مقتضى الإيمان بهما الإيمان بك وبكتابك. قال تعالى «إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ» لمن اتبعها وآمن بها فتكشف له الشّبهات وتوضح له المشكلات، وكان «يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا» لحكم الله فيها كموسى وهرون ومن بعدهما إلى زمن محمد صلّى الله عليه وسلم «لِلَّذِينَ هادُوا» أي اليهود، وسموا بذلك لقولهم «إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ» الآية ١٥٦ من الأعراف في ج ١ وفي قوله تعالى (أَسْلَمُوا) إشارة إلى أن الأنبياء لم يكونوا يهودا ولا نصارى بل كانوا مسلمين على ملة ابراهيم عليه السّلام، راجع الآية ٦٧ من آل عمران المارة «وَالرَّبَّانِيُّونَ» الزهّاد التحصين في العبادة، راجع الآية ٨٠ من آل عمران أيضا يحكمون بها «وَالْأَحْبارُ» أيضا جمع حبر بفتح الحاء وكسرها العلماء والعارفون «بِمَا اسْتُحْفِظُوا» أوئتمنوا واستودعوا «مِنْ كِتابِ اللَّهِ» وقد أخذ عليهم العهد أن يحفظوا كتابه ويعلّموه النّاس ويقضوا فيه بينهم «وَكانُوا» أولئك الأنبياء

والرّبانيّون والأحبار «عَلَيْهِ شُهَداءَ» بأن كتاب الله حق وصدق أنزله على موسى «فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ» لتعملوا

<<  <  ج: ص:  >  >>