بأحكام اليهود وتكتموا ما في كتاب الله من أجلهم ولأجل نفعكم منهم «وَاخْشَوْنِي» أنا الله القادر على عقابكم إن خالفتم «وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا» من الرشاء الذي تأخذونه وحب بقاء الرّئاسة والجاه، فتستبدلوا بآياتي غيرها، أو تحرفوا بعضها، أو تغيّروا معناها بهتا منكم وافتراء علي، واحكموا بما أنزلت عليكم في التوراة «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ» جحودا وكفرانا «فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ»(٤٤) بموسى والتوراة وبعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن. قال تعالى «وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» تقتل إذا قتلت غيرها عمدا، وبهذه الآية استدل بعض العلماء على أن الرّجل يقتل بالمرأة وعدها ناسخة لقوله تعالى (الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) الآية ١٧٩ من البقرة المارة، مع أن هذه الآية حكاية حال عما في التوراة وخبر من الأخبار فيها، والأخبار لا تكون ناسخة للأحكام، وعلى هذه لا يقتل الرّجل بالمرأة، ولا الحرّ بالعبد، والآية في هذا محكمة غير منسوخة البتة، ودعوى من ادعاه لا قيمة له للسببين المذكورين أعلاه، ولكن العمل الآن في المحاكم على هذه الآية ٤٥ من هذه السّورة، والحق أن يكون العمل على آية البقرة ١٧٩ لأن هذه الآية ٤٥ عبارة عن اخبارنا بما كتبه الله على بني إسرائيل ليس إلا، وليس كلّ ما فرضه عليهم نكلف به لأن شريعتنا جاءت ناسخة لما قبلها في كلّ ما يخالفها، فما وافق شرعنا عملنا به، وما خالفه فلا، تأمل. «الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ» تفقا «وَالْأَنْفَ» يجدع «بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ» تقطع «بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ» تقلع «بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ» فيما يمكن أن يقتص من الجارح كاليد والرّجل والذكر والأنثيين، أما فيما لا يمكن فيه كالرّض والجرح في البطن والكسر الملتئم وبقية الجراحات مما لا يمكن إجراء القصاص فيها ففيها حكومة عدل، إذ قد يخاف التلف في اجراء القصاص، فيخرج عن كونه قصاصا كما أمر الله، ويسمى ما دون الدّية هكذا جروح ارشا، وهذا التعميم يعد تخصيصا لأن الجروح تعم الكل «فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ» أي القصاص فعفى عن أخيه «فَهُوَ» التصدق المراد به العفو «كَفَّارَةٌ لَهُ» عن ذنوبه التي كان اقترفها قال عليه الصّلاة والسّلام من تصدق