للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوقع بهم البلاء، ولم يزالوا إنشاء الله تحت الرّق والعسف الى يوم القيمة كيف وقد قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) الآية ١٦٧ من سورة الأعراف ج ١ فراجعها. وإن هذا الزعيم الألماني بعد أن اطلع على سوء نيتهم وعدم رعايتهم المعروف لبلاده مع أنهم ساكنون فيها أباد كثيرا منهم ونفى وأجلى وسلب وقتل وشرد وشدد عليهم، حتى إنهم صاروا يهاجرون مع الأسف إلى بلاد العرب إذ لا يحملهم أحد غيرهم لصفاء قلوبهم وتمسكهم بدينهم الموصي بمراعاة أهل الكتاب واحترامهم وصايا الله ورسوله بهم القائل، لهم مالنا وعليهم ما علينا. ولكنهم الآن ليسوا بأهل كتاب ولا يستحقون هذه المعاملة الحسنة لأنهم يتربصون بالمؤمنين الدّوائر، وقد ساعدهم الإنكليز والأمير كان ففتحوا لهم طريق فلسطين وأباحوا لهم شراء الأملاك فيها فصاروا يشترون من الفقراء أراضيهم وكرومهم وحتى مساكنهم بأضعاف قيمتها حتى يطمعون الآخرين والأغنياء أيضا، لا بارك الله فيمن يملكهم أو يساعدهم أن يمدهم، لأنهم جرثومة فساد لا يطأون أرضا إلّا أفسدوها، وقد أغروا شبان فلسطين حتى استردوا ما أخذوه من ثمن أملاكهم بواسطة عواهرهم وملاهيهم التي فتحوها لهم وخز عبلاتهم التي من طرق الفجور، وسيلقون عليهم الويل والثبور بذلك، ولا حول ولا قوة إلّا بالله القائل «وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً» بالمكر والخديعة والغدر والغش والإغراء والحيل، وهذا ديدنهم إلى الآن وإلى الآن وإلى أن يهلكهم الله «وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» (٦٤) كافة من كلّ الأمم ومن لا يحبه الله يبغضه، ومن يبغضه الله يا ويله. قال تعالى «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ» يهودهم ونصاراهم لعموم اللّفظ «آمَنُوا» بمحمد وكتابه «وَاتَّقَوْا» الله وتركوا ما هم عليه وتمسكوا بدين محمد النّاسخ لدينهم وغيره من الأديان «لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ» التي عملوها قبل، لأن الإسلام يجبّ ما قبله ويمحو كلّ ذنب ويمحق وزره «وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ» (٦٥) جزاء إيمانهم. واعلم أن هذه الآية والتي بعدها على حد قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا) الآية ٩٦ من الأعراف ج ١ فراجعها «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ» وعملوا بما فيهما ونفذوا أحكامهما «وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>