على أشعيا وأرميا وداود وغيرهم «لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ» من ثمار الأشجار المظللة عليهم كالنخل والعنب والزيتون والرّمان وغيرهما «وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ» من الزروع والحبوب والخضر وغيرها وذلك بإنزال الغيث وجعل البركة فيه توسعة لأرزاقهم، لأن من مقتضى الإيمان بتلك الكتب ومن أنزلت عليهم الإيمان بالقرآن، ومن أنزل عليه لأنها تأمر بذلك. واعلموا أيها النّاس أن أهل الكتابين ليسوا سواء «مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ» غير مغالية ولا معاندة ولا مخاصمة قد تذعن للحق وتسلم «وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ» على العكس فقد «ساءَ ما يَعْمَلُونَ»(٦٦) من كتم الحق وإظهار الباطل والعناد والغلو والتكذيب والافتراء والبهتان قبلا وحالا ومستقبلا، إذ لا يرجى منهم الخير. تفيد هذه الآية أن طاعة الله ورسوله والعمل بما جاء عنهما سبب لسعة الرّزق بدلالة آية الأعراف الآنفة الذكر في هذه الآية المفسرة وآية نوح عليه السّلام (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) الآية ١١ فما بعدها وقوله تعالى (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) الآية ١٥ من سورة الجن في ج ٢، هذا ولا يقال هنا إن كثيرا من المطيعين فقراء، لأنا لا نعلم حقيقة طاعتهم ولا صحة فقرهم فكم من فقير بلباس غني وغني بلباس فقير، وقد اتضح لنا أن كثيرا من هذين الصنفين على غير ظاهرهما، وإذا كان يوجد شيء من ذلك، فاعلم أن الله تعالى يعطي كلّا بحسبه ومقتضى حكمته، فكم من غني أفسده غناه، وفقير أكفره فقره، ولو اطلعتم على الغيب أيها النّاس لاخترتم الواقع لأنكم لا تعلمون ما هو مقدر عليكم من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلّا الله، فرب غني يتمنى أن يكون أفقر النّاس، ولا يكون بما هو عليه من المصائب، وكم من فقير لا يصلحه إلّا الفقر فاحمدوا الله واسألوه العافية واشكروه على ما هداكم اليه وأقامكم فيه
ومنّ به عليكم تنجحوا وتفوزوا، وقد جاء عنه صلّى الله عليه وسلم: إذا أصبحت معافى في بدنك آمنا في سربك عندك قوت يومك فعلى الدّنيا العفا. قال تعالى «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»
واجهر به ولا ترعو من أحد، فاصدع بما آتيتك ولا تترك شيئا من الوحي أبدا «وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ» ما أمرت به كله